الشراب أخذوا في التفتيش عن بضاعته فلم يلبثوا ان جاء مطر شديد وبرد ستر وجه الأرض فألقى الخالدي نارنجا كان بين أيديهم على ذلك البرد وقال يا أصحابنا هل لكم ان نصف هذا فقال السلامي ارتجالا (لله در الخالدي * الأوحد الندب الخطير) (أهدى لماء المزن عند * جموده نار السعير) (حتى إذا صدر العتاب * إليه عن حر الصدور) (بعثت إليه هدية * عن خاطري أيدي السرور) (لاتعذلوه فإنه * أهدى الخدود إلى الثغور) فلما رأوا ذلك منه أمسكوا عنه وكانوا يصفونه بالفضل ويعترفون له بالإجادة والحذق إلا التلعفري فإنه أقام على قوله الأول حتى قال السلامي فيه (سما التلعفري إلى وصالي * ونفس الكلب تكبر عن وصاله) (ينافي خلقه خلقي وتأبى * فعالي أن تضاف إلى فعاله) (فصنعتي النفيسة في لساني * وصنعته الخسيسة في قذاله) (فإن أشعر فما هو من رجالي * وإن يصفع فما انا من رجاله) وله فيه أهاج كثيرة ودخل السلامي يوما على أبي تغلب وأظنه الحمداني وبين يديه درع فقال صفها لي فارتجل (يا رب سابغة حبتني نعمة * كا فأتها بالسوء غير مفند) (أضحت تصون عن المنايا مهجتي * وظللت أبذلها لكل مهند)
(٤٠٥)