وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ٢٩
الكتاب على الفضل لم يفارق المسجد نهارا إلى أن انصرف من عمله ومن مناقبه أنه لما تولى خراسان دخل إلى بلخ وهو وطنهم وبها النوبهار وهو بيت النار التي كانت المجوس تعبدها وكان جدهم برمك خادم ذلك البيت حسبما هو مشروح في ترجمة جعفر فأراد الفضل هدم ذلك البيت فلم يقدر عليه لإحكام بنائه فهدم منه ناحية وبنى فيها مسجدا وذكر الجهشياري في أخبار الوزراء أن الرشيد ولى جعفر بن يحيى الغرب كله من الأنبار إلى أفريقيه في سنة ست وسبعين ومائة وقلد الفضل الشرق كله من شروان إلى أقصى بلاد الترك فأقام جعفر بمصر واستخلف على عمله وشخص الفضل إلى عمله في سنة ثمان وسبعين فلما وصل إلى خراسان أزال سيرة الجور وبنى المساجد والحياض والربط وأحرق دفاتر البقايا وزاد الجند ووصل الزوار والقواد والكتاب في سنة تسع بعشرة آلاف درهم واستخلف على عمله وشخص في آخر هذه السنة إلى العراق فتلقاه الرشيد وجمع له الناس وأكرمه غاية الإكرام وأمر الشعراء بمدحه والخطباء بذكر فضله فكثر المادحون له ومدحه إسحاق بن إبراهيم الموصلي بأبيات منها:
(لو كان بيني وبين الفضل معرفة * فضل بن يحيى لأعداني على الزمن) (هو الفتى الماجد الميمون طائره * والمشتري الحمد بالغالي من الثمن) وكان أبو الهول الحميري قد هجا الفضل ثم أتاه راغبا إليه فقال له
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»