وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٣ - الصفحة ٨٥
الأنصاري المعروف بصريع الغواني الشاعر المشهور حيث يقول (يقول صحبي وقد جدوا على عجل * والخيل تسنن بالركبان في اللجم) (أمغرب الشمس تنوي أن تؤم بنا * فقلت كلا ولكن مطلع الكرم) فإنه أغار على اللفظ والمعنى رجعنا إلى ما كنا فيه ولما وصل أبو تمام إليه أنشده قصيدته البديعة البائية التي يقول فيها (وركب كأطراف الأسنة عرسوا * على مثلها والليل تسطو غياهبه) (لأمر عليهم أن تتم صدوره * وليس عليهم أن تتم عواقبه) وهي من القصائد الطنانة وفيها يقول (فقد بث عبد الله خوف انتقامه * على الليل حتى ما تدب عقاربه) وفي هذه السفرة ألف أبو تمام كتاب الحماسة فإنه لما وصل إلى همذان وكان في زمن الشتاء والبرد بتلك النواحي شديد خارج عن حد الوصف قطع عليه كثرة الثلوج طريق مقصده فأقام بهمذان ينتظر زوال الثلج وكان نزوله عند بعض رؤسائها وفي دار ذلك الرئيس خزانة كتب فيها دواوين العرب وغيرها فتفرغ لها أبو تمام وطالعها واختار منها كتاب الحماسة وكان عبد الله المذكور أديبا ظريفا جيد الغناء نسب إليه صاحب الأغاني أصواتا كثيرة أحسن فيها ونقلها أهل الصنعة عنه وله شعر مليح ورسائل ظريفة فمن شعره قوله وجدتها منسوبة إليه (نحن قوم تليننا الحدق النجل * على أننا نلين الحديدا)
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»