أصحاب القصر عند زوال ملكهم بقصيدة لامية طويلة أجاد فيها وغالب شعره جيد ثم إنه شرع في أمور وأسباب من الاتفاق مع جماعة من رؤساء البلد على التعصب للمصريين وإعادة دولتهم فأحس بهم السلطان صلاح الدين وكانوا ثمانية من الأعيان ومن جملتهم الفقيه عمارة المذكور وشنقهم في يوم السبت ثاني شهر رمضان سنة تسع وستين وخمسمائة بالقاهرة رحمهم الله تعالى وكان قبضهم يوم الأحد السادس والعشرين من شعبان من السنة وله تواليف منها كتاب أخبار اليمن وفيه فوائد ومنها النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية وغير ذلك وقال العماد الأصبهاني في كتاب الخريدة إنه صلب في جملة الجماعة الذين نسب إليهم التدبير عليه يعني السلطان صلاح الدين ومكاتبة الفرنج واستدعاؤهم إليه حتى يجلسوا ولدا للعاضد وكانوا أدخوا معهم رجلا من الأجناد ليس من أهل مصر فحضر عند صلاح الدين وأخبره بما جرى فأحضرهم فلم ينكروا الأمر ولم يروه منكرا فقطع الطريق على عمر عمارة وأعيض بخرابه عن العمارة ووقعت اتفاقات عجيبة فمن جملتها أنه نسب إليه بيت من قصيدة ذكروا أنه يقول فيها (قد كان أول هذا الدين من رجل * سعى إلى أن دعوه سيد الأمم) ويجوز أن يكون البيت معمولا عليه فأفتى فقهاء مصر بقتله وحرضوا السلطان على المثلة بمثله ومنها أنه كان في النوبة التي لا تقال عثرتها ولا يحترم الأديب فيها ولو أنه في سماء النظم والنثر نثرتها ومنها أنه كان قد هجا أميرا فعد ذلك من كبائره وجرى عليه الردى في جرائره ثم قال في آخر ترجمته والعجب من عمارة أنه تأبى في ذلك المقام عن الأنتماء إلى القوم وترك وغطى القدر على بصره حتى أراد أن يتعصب لهم ويعيد دولتهم
(٤٣٥)