أيها المحبوب فاجعل خلوتي منك في هذه الليلة عتقي من النار ولقي سفيان الثوري رابعة وكانت زرية الحال فقال لها يا أم عمرو أرى حالا رثة فلو أتيت جارك فلانا لغير بعض ما أرى فقالت له يا سفيان وما ترى من سوء حالي ألست على الإسلام فهو العز الذي لا ذل معه والغنى الذي لا فقر معه والأنس الذي لا وحشة معه والله إني لأستحيي أن أسأل الدنيا من يملكها فكيف أسألها من لا يملكها فقام سفيان وهو يقول ما سمعت مثل هذا الكلام وقالت رابعة لسفيان إنما أنت أيام معدودة فإذا ذهب يوم ذهب بعضك ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل وأنت تعلم فاعمل كان أبو سليمان الهاشمي له بالبصرة كل يوم غلة ثمانين ألف درهم فبعث إلى علماء البصرة يستشيرهم في امرأة يتزوجها فأجمعوا على رابعة العدوية فكتب إليها أما بعد فإن ملكي من غلة الدنيا في كل يوم ثمانون ألف درهم وليس يمضي إلا قليل حتى أتمها مائة ألف إن شاء الله وأنا أخطبك نفسك وقد بذلت لك من الصداق مائة ألف وأنا مصير إليك من بعد أمثالها فأجيبيني فكتبت إليه أما بعد فإن الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن والرغبة فيها تورث الهم والحزن فإذا أتاك كتابي فهي زادك وقدم لمعادك وكن وصي نفسك ولا تجعل وصيتك إلى غيرك وصم دهرك واجعل الموت فطرك فما يسرني يقال إن الله خولني أضعاف ما خولك فيشغلني بك عنه طرفه عين والسلام وقالت امرأة لرابعة إني أحبك في الله فقالت لها أطيعي من أحببتني له وكانت رابعة تقول اللهم قد وهبت لك من ظلمني فاستوهبني ممن ظلمته قال رجل لرابعة إني أحبك في الله قالت فلا تعص الذي أحببتني له وأورد لها الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب عوارف المعارف (إني جعلتك في الفؤاد محدثي * وأبحت جسمي من أراد جلوسي)
(٢٨٦)