قال الحاكي وحضرته يوما وهو يملي كتاب شفاعة فكتب في آخره إنه بلغني أن الرجل يسأل عن فضل جاهه يوم القيامة كما يسأل عن فضل ماله وقال لبنيه يا بني تعلموا النطق فإن فضل الإنسان على سائر البهائم به وكلما كنتم بالنطق أحذق كنتم بالإنسانية أحق وكان سهل والد الحسن المذكور يتقهرم ليحيى بن خالد بن برمك وضم يحيى الحسن والفضل ابني سهل إلى ابنيه الفضل وجعفر يكونان معهما فضم جعفر بن سهل إلى المأمون وهو ولي عهد فغلب عليه ولم يزل معه إلى أن قتل بخراسان فكتب المأمون إلى الحسن بن سهل وهو ببغداد يغريه بأخيه ويعلمه أنه قد استوزره وأجراه مجراه فلم يكن أحد من بني هاشم ولا من القواد يخالف للحسن أمرا ولا يخرج له من طاعة إلى أن بايع المأمون لعلي بن موسى الرضا بالعهد فغضب بنو العباس وخلعوا المأمون وبايعوا إبراهيم بن المهدي فحاربه الحسن بن سهل فضعف عنه فانحدر الحسن إلى فم الصلح فأقام به ووجه من فم الصلح من حارب إبراهيم فضعف أمر إبراهيم واستتر وقد تقدم ذكر ذلك ثم دخل المأمون بغداد وكتب إلى الحسن بن سهل فقدم عليه فزاد المأمون في كرامته وتشريفه عند تسليمه عليه وذلك في سنة أربع ومائتين قال ثعلب قيل للحسن وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله ليس في السرف خير فقال بل ليس في الخير سرف فرد اللفظ واستوفى المعنى ودخل على الحسن أعرابي مدحه بشعر استحسنه فلما فرغ منه قال له الحسن اجلس واحتكم وهو يظن يقال إن الأعرابي صغير الهمة فقال ألف ناقة فوجم الحسن ولم تكن في وسعه يومئذ وكره أن يفتضح فأطرق إطراقة ثم قال يا أعرابي ليس بلدنا بلد إبل ولكن كما قال امرؤ القيس (إذا ما لم تكن إبلا فمعزى * كأن قرون جلتها العصي) قال قد رضيت قال فالحق يحيى بن خاقان يعطك ألف شاة فصار إلى
(١٢١)