وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ١ - الصفحة ١٢٢
وإنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيدية فأسره وتفرق أصحابه وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه وقيل غير ذلك وهذا أصح وقيل إنه قال أنا أول من تنبأ بالشعر ثم التحق بالأمير سيف الدولة بن حمدان في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ثم فارقه ودخل مصر سنة ست وأربعين وثلثماثة ومدح كافورا الإخشيدي وأنوجور ابن الإخشيد وكان يقف بين يدي كافور وفي رجليه خفان وفي وسطه سيف ومنطقة ويركب بحاجبين من مماليكه وهما بالسيوف والمناطق ولما لم يرضه هجاه وفارقه ليلة عيد النحر سنة خمسين وثلاثمائة ووجه كافور خلفه رواحل إلى جهات شتى فلم يلحق وكان كافور وعده بولاية بعض أعماله فلما رأى تعاليه في شعره وسموه بنفسه خافه وعوتب فيه فقال يا قوم من ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم أما يدعي المملكة مع كافور فحسبكم قال أبو الفتح ابن جني النحوي كنت قرأت ديوان أبي الطبيب المتنبي عليه فقرأت عليه قوله في كافور القصيدة التي أولها (أغالب فيك الشوق والشوق أغلب * وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب) حتى بلغت إلى قوله (ألا ليت شعري هل أقول قصيدة * ولا أشتكي فيها ولا أتعتب) (وبي ما يذود الشعر عني أقله * ولكن قلبي يا ابنه القوم قلب فقلت له يعز علي كيف يكون هذا الشعر في ممدوح غير سيف الدولة فقال حذرناه وأنذرناه فما نفع ألست القائل فيه (أخا الجود أعط الناس ما أنت مالك * ولا تعطين الناس ما أنا قائل) فهو الذي أعطاني كافورا بسوء تدبيره وقلة تمييزه وكان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة فيتكلمون بحضرته فوقع
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»