نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٤٦
وجملة الحبشة يتخذون الإبل ويكتسبونها ويشربون ألبانها ويستخدمون ظهورها وينتظرون لقاحها وهي أجل بضاعه عندهم ويسرق بعضهم أبناء بعض ويبيعونهم من التجار فيخرجوهم إلى أرض مصر في البر والبحر وتجاور أرض الحبشة في جهة الشمال أرض البجة وهي بين الحبشة والنوبة وأرض الصعيد وليس بأرض البجة قرى ولا خصب وإنما هي بادية جدبة ومجتمع أهلها ومقصد التجار منها إلى وادي العلاقي وإليه ينجلب أهل الصعيد وأهل البجه وهو واد فيه خلق كثير وجمع غزير والعلاقي في ذاته كالقريه الجامعة والماء بها من آبار عذبة ومعدن النوبة المشهور متوسط في أرضها في صحراء لا جبل حوله وإنما هي رمال لينه وسباسب سائلة وإذا كان أول ليالي الشهر العربي وأخره خاض الطلاب في تلك الرمال بالليل فينظرون فيها كل واحد منهم ينظر فيما يليه من الأرض فإذا أبصر التبر يضيء بالليل علم على موضعه علامة يعرفها وبات هنالك فإذا أصبح عمد كل واحد منهم إلى علامته في كوم الرمل الذي علم عليه ثم يإخذه ويحمله معه على نجيبه فيمضي به إلى ابار هنالك ثم يقبل على غسله بالماء في جفنة عود فيستخرج التبر منه ثم يؤلفه بالزئبق ويسبكه بعد ذلك فما اجتمع لهم منه تبايعوه بينهم واشتراه بعضهم من بعض ثم يحمله التجار إلى سائر الأقطار وهذا شغلهم دأبا لا يفترون عنه ومن ذلك معايشهم ومبادىء مكاسبهم وعليه يعولون
(٤٦)
مفاتيح البحث: الغسل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»