نزهة المشتاق في اختراق الآفاق - الشريف الادريسي - ج ١ - الصفحة ٣٦٨
التي فوق المحراب عند المقصورة ويقال إنها من بناء الصابئة وكان مصلاهم بها ثم صار في أيدي اليونانين فكانوا يعظمون فيه دينهم ثم صار من بعدهم لملوك من عباد الأوثان فكان لهم موضعا لأصنامهم ثم انتقل إلى اليهود فقتل في ذلك الزمان يحيى بن زكرياء فنصب رأسه على باب المسجد المسمى باب جيرون ثم تغلبت عليه النصارى فصار ملكا بأيديهم فحولته بيعة يقيمون بها دينهم ثم استفتحها الإسلام فصار لهم فاتخذوه جامعا فلما كان في أيام الوليد بن عبد الملك من بني أمية عمره فجعل أرضه رخاما ومعاقد رؤوس أساطينه ذهبا ومحرابه مذهبا وسائر حيطانه مرصعة بأشباه الجوهر ودور السقف كله مكتبا كما يدور بترابيع جدران المسجد مذهبا بأحسن صنعة وأبدع تنميق ويقال إنه جعل بأعلى السقف حصر رصاص محكمة التأليف وثيقة الصنعة والماء يصل إليه في قنوات رصاص فمتى احتاج ذلك المسجد إلى الغسل فتح إليه الماء وغسل جميع صحنه بأهون سعي ويقال إن الوليد ابن عبد الملك المقدم ذكره أنفق في إتقان هذا المسجد الجامع خراج الشام كله سنتين ومدينة دمشق محدثة وإنما كان القديم من موضعها موضعا يسمى الجابية وذلك في أيام الجاهلية وبنيت دمشق عليها ولها أبواب شتى فمنها باب الجابية وعرض الأرض المعمورة أمامه ستة أميال طولا في عرض ثلاثة أميال كل ذلك أشجار وعمارات ويشقها خمسة أنهار ومن أبوابها باب توما وباب السلامة وباب الفراديس ودير مران يقابله والباب الصغير
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»