ولا يأتي به تمثيل كثرة وخصبا وطيبا ودمشق وأنزه بلاد الله من خارج ومياه الغوطة الجارية بها تخرج من عين الفيجة وهذه العين في أعلى جبل وينصب ماؤها من أعلى هذا الجبل كالنهر العظيم له صوت هائل ودوي عظيم يسمع على بعد ويرى نزول الماء من أعلى الجبل على قرية إبل حتى ينتهي إلى المدينة فتتفرع منه الأنهار المعروفة بها منها نهر يزيد ونهر ثورة ونهر بردى ونهر قناة المزة ونهر بأناس ونهر سقط ونهر يشكور ونهر عادية وهذا النهر ليس بمشروب منه لأن عليه مصبات أوساخ المدينة وأوذار غسالاتها وقنوات صغار ويشق هذا النهر وسط المدينة وعليه قنطرة يجتاز عليها الناس وكذلك أيضا سائر الأودية التي ذكرناها تخرج منها سواق تخترق المدينة وتجري إلى دورها وحماماتها وبساتينها وأسواقها وبها المسجد الجامع الذي ليس على الأرض مثله بناء ولا أحسن منه صفة ولا أتقن منه إحكاما ولا أوثق منه عقدا ولا أغرب منه رسما ولا أبدع منه تلميعا بأنواع الفصفص المذهب والآجر المحكوك والمرمر المصقول وهو في مربعة تعرف بالميزاب فمن جاءه من ناحية باب جيرون صعد إليه في درج رخام كبير واسع نحو من ثلاثين درجة ومن قصده من ناحية باب البريد والقبة الخضراء وقصر اليتيمين وحجر الذهب وباب الفراديس كان مدخله مع الأرض بغير درج وفيه آثار عجيبة فمنه الخوان والقبة
(٣٦٧)