مدينة اطرابلس عديمة المثال في إصابة الزرع ولا يدرى أن على معمور الأرض مثلها في ذلك وهذا مشهور معلوم ومن مدينة اطرابلس في جهة المشرق إلى مدينة صرت مائتا ميل وثلاثون ميلا وهي إحدى عشرة مرحلة وذلك أن السائر يخرج من مدينة اطرابلس إلى المجتنى عشرون ميلا ومن المجتنى إلى ورداسا اثنان وعشرون ميلا ومن ورداسا إلى رغوغا خمسة وعشرون ميلا ومن رغوغا إلى تاورغا اثنان وعشرون ميلا ثم إلى المنصف خمسة وعشرون ميلا ثم إلى قصور حسان بن النعمان الغساني أربعون ميلا ثم إلى الأصنام ثلاثون ميلا ثم إلى صرت ستة وأربعون ميلا وهذا الطريق يبعد عن الساحل تارة ويقرب أخرى لا وكل ذلك في ملك قبيلتين من العرب وهما عوف ودباب ومدينة صرت بينها وبين البحر ميلان وعليها سور تراب وما استدار بها رمل وبها بقايا نخيل ولا زيتون بها وبها كثير من شجر التوت وبقايا شجر التين أيضا كثير غير أن العرب تأتي على أكثر ذلك بإفسادها وليس بها من العشب ما باوجلة ولا من التمر ما بودان وكان نخيلهم فيما سلف فوق الكفاف لهم وكانت لهم أعناب وفواكه إلا أنها قد تلفت في وقتنا هذا ولم يبق منها شيء إلا ما كان في بطون الأودية ورؤوس الجبال ومياهها من المطر في المواجل وآبارها قليلة وعليها قبائل من البربر وعلى مدينة اطرابلس جبل مقدة وبينهما ثلاث مراحل ومن مدينة
(٢٩٨)