وفي الشرقي من مدينة قلعة بني حماد مدينة ميلة وهي على أربع مراحل منها ومدينة ميلة حسنة كثيرة الأشجار ممكنة الثمار وفواكهها كثيرة ومحاسنها ظاهرة ومياهها غدقة وأهلها من أخلاط البرابر جملة والعرب تحكم بخارجها وكانت في طاعة يحيى بن العزيز صاحب بجاية ومنها في الشرق إلى مدينة قسنطينة الهواء ثمانية عشر ميلا ويصل بينهما جبل والطريق به ومدينة القسنطينة عامرة وبها أسواق وتجار وأهلها مياسير ذوو أموال وأحوال واسعة ومعاملات للعرب وتشارك في الحرث والادخار والحنطة تقيم بها في مطامرها مائة سنة لا تفسد والعسل بها كثير وكذلك السمن يتجهز به منها إلى سائر البلاد ومدينة القسنطينة على قطعة جبل منقطع مربع فيه بعض الاستدارة لا يتوصل إليه من مكان إلا من جهة باب في غربيها ليس بكثير السعة وهناك مقابر أهلها حيث يدفنون موتاهم ومع المقابر أيضا بناء قائم من بناء الروم الأول وبه قصر قد تهدم كله إلا قليلا منه وبه دار ملعب من بناء الروم شبيه بملعب ثرمة من بلاد صقلية وهذه المدينة أعني القسنطينة يحيط بها الوادي من جميع جهاتها كالعقد مستديرا بها وليس للمدينة من داخلها سور يعلو أكثر من نصف قامة إلا من جهة باب ميلة وللمدينة بابان باب ميلة في الغرب وباب القنطرة في الشرق وهذه القنطرة من أعجب البناءات لأن علوها يشف على مائة ذراع بالذراع الرشاشي وهي من بناء الروم قسي عليا على قسي سفلي وعددها في سعة الوادي
(٢٦٥)