وأما مدينة بجاية في ذاتها فإنها عمرت بخراب القلعة التي بناها حماد بن بلقين وهي التي تنسب دولة بني حماد إليها والقلعة كانت في وقتها وقبل عمارة بجاية دار الملك لبني حماد وفيها كانت ذخائرهم مدخرة وجميع أموالهم مختزنة ودار أسلحتهم والحنطة تختزن بها فتبقى العام والعامين لا يدخلها الفساد ولا يعتريها تغيير وبها من الفواكه المأكولة والنعم المنتخبة ما يلحقه الإنسان بالثمن اليسير ولحومها كثيرة وبلادها وجميع ما ينضاف إليها تصلح فيها السوائم والدواب لأنها بلاد زرع وخصب وفلاحتهم إذا كثرت أغنت وإذا قلت كفت فأهلها أبد الدهر شباع وأحوالهم صالحة وقد ذكرنا حالها وصفتها في ذات بنائها فيما تقدم لنا وهي متعلقة بجبل عظيم مطل عليها وقد احتوى سورها المبني على جميع الجبل المذكور طولا وعرضا وأمامها في جهة الجنوب أرض سهلة متصلة الإنفراج لا يرى الناظر فيها جبلا عاليا ولا شرفا مطلا إلا على بعد منها وعلى مسير أربع مراحل يرى جبالا لا تبين وعلى اثني عشر ميلا منها المسيلة التي تقدم ذكرها غربا والمسيلة في أرض طبنة وفي جهة المغرب من مدينة القلعة ومن القلعة أيضا في جهة المشرق مدينة محدثة تسمى الغدير وبينها وبين القلعة ثمانية أميال والغدير مدينة حسنة وأهلها بدو ولهم مزارع وأرضون مباركة والحرث بها قائم الذات والإصابة في زروعها موجودة والبركات في معاملاتهم كثيرة وبين المسيلة والغدير ثمانية عشر ميلا
(٢٦١)