شحم عذب المأكل يسمونه البقق ويستخرج منه من هذه البحيرة كثير ويملح ويحمل إلى جميع بلاد كوار وهو بها رخيص موجود وأما ما حاز هذا الجزء من أرض التاجوين وهم السودان الذين ذكرناهم قبل هذا في الإقليم الأول وقلنا إنهم مجوس لا يعتقدون شيئا فإنهم بشر كثير وجمع غزير ولهم إبل كثيرة وفي بلادهم مراع كثيرة وهمم رحالة لا يقيمون في مكان وكل من جاورهم يغزوهم ويغير عليهم ويتحيل على أخذهم وليس لهم مدن إلا مدينتان وهما تاجوة وسمية وقد تقدم ذكرهما في الإقليم الأول ويحيط بشمال هذه الأرض جبل مقور وهو جبل أغبر إلى البياض وفيه عروق ترابية لينة تنفع من أوجاع العين الرمدة مثل ما ينفع رهج الغار الذي بقفر مدينة طلبيرة من بلاد الأندلس النافع من جرب العين ويأكل ما فيها وهو غبار يوجد هناك لونه أخضر ما هو وهذا الغبار هو مشهور المنفعة في جميع بلاد الأندلس معروف بالتجربة وأيضا إن هذه الأرض تتصل بها أرض الواحات الخارجة وهي الآن تعرف بأرض سنترية وسنترية هذه محدثة قريبة العهد سنأتي بذكرها بعد هذا وفيها مما يلي جنوبها مدينة هي الآن خراب وقد كانت فيما سلف عامرة بالخلق آهلة بالناس وتسمى هذه المدينة تثرو وقد تهدم بناؤها وغارت مياهها وتشرد حيوانها وتنكرت معالمها فلم يبق منها إلا
(١١٩)