تاريخ جرجان - حمزة بن يوسف السهمي - الصفحة ٢٨٨
وأشار إلى أبي طيبة تفعل ما يفعل هذا قال فانتبهت من منامي فلما أصبحت لزمت الطريق التي كنت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سالكا فيها فلم أزل أرومها حتى دخلت سكة أبي طيبة فقرعت الباب ففتح لي فدخلت فإذا به قائم في الصفة التي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وهو يصلي فلما أحس بي خفف من صلاته ثم أقبل إلي فسلمت عليه فقال لي ما حاجتك فقصصت عليه رؤياي ثم قلت له ما تأمرني فان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني باتباعك فقال لي اكتم هذه الرؤيا والزم منزلك قال ففعلت قال عبد الواسع ثم إنه ولي جرجان واليا يقال له حسين السجادة فسأله الناس أن يرتب لهم قاضيا فسألهم بمن ترضون فتراضوا بأبي طيبة فدعاه وكان الناس في ذلك الزمان قد أخذوا يلبسون قلانس سودا يقال لها المحمدية لا يدخلون على السلطان إلا بها قال وكان الصلحاء إذا أرادوا الدخول على السلطان يحملونها معهم في أكمتهم فإذا بلغوا الباب أخرجوها ووضعوها على رؤوسهم ثم دخلوا عليه قال فدعا حسين أبا طيبة ليراوده على القضاء فأخذ محمديته في كمه ومضى نحوه فلما بلغ الباب أخذها فوضعها على رأسه ودخل عليه وقد احتفل الناس واجتمعوا في مجلس السلطان والعامة بالباب ينتظرون خروج أبي طيبة عليهم قاضيا فلما دخل عليه رحب به وأدنى مجلسه ثم قال إني بعثت إليك يا أبا طيبة لأوليك القضاء فان الناس قد تراضوا بك ولا بد لهم من حاكم يقيم أحكامهم قال فقال أيها الأمير إني لا أصلح لهذا الشأن قال لا بد من ذلك فان الناس لا يجدون غيرك قال فأنظرني وقتا أصلح فيه أمور نفسي وأفرغ من بعض شغلي ثم أتفرغ لهذا الشأن قال كم تريد قال سنة قال لا يتهيأ قال فعشرة أشهر فأبى عليه فلم يزل يخاصم حتى صار إلى شهر قال فنعم إذا فخفف بجهدك قال أفعل إن شاء الله قال فخرج من عنده وصار إلى منزله ولقي أصدقاءه وإخوانه فودعهم وسلم عليهم واستحلهم واستحلوه قال ثم دخل
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»