العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٤٩
ولا سيما إذا كان الحديث ليس مفصحا عن نفسه، ومعربا عن تأويله، إلا عن قصد الرسول وإرادته لان يكفيهم مؤونة الرواية والأسباب المشككة فينبغي على هذا القياس أن يكون علماء العثمانية وفقهاء المرجئة تعرف من ذلك ما تعرف الروافض، ولكنها تجحد ما تعرف، وتنكر ما تعلم.
ولو كان هذا الحديث مجتمعا على أصله ولكنه غامض التأويل، وعويص المعنى، لا يكاد يدركه إلا الراسخ في العلم، البارع في حسن الاستخراج، كان العذر في جهل إمامته وفضيلته على غيره واسعا مبسوطا لأكثر المسلمين، وجل الناقلين، ولكبراء المتكلمين.
وإنما صارت الروافض إلى إكفار الأنصار والمهاجرين، بزعمهم (1) أن النبي صلى الله عليه نص على إمامته، ودل على فضيلته، فإنه لابد للناس في كل عصر من إمام من ولده، لان ذلك الموضع إذا كان مقنعا ومعلما كان أخف على الناس في المحنة، وأبعد من الخطأ والزلل، ولان اختيار الله لهم لأنفسهم، لأنه لو كان ذلك لا يكون إلا بالنظر دون النص لم يصلوا إلى إقامته، لكثرة عدد الناس، ولكثرة عدد الفضل، ولما في ذلك من الاشكال عند الموازنة، والشغل عن العدو.
فإذا كان السبب في الإمامة (2) هو الذي قالوا: فلابد من حديث لا يحتمل التأويل، ولا يمنع من معرفة صحة أصله وصدق مخرجه.
فإن قالوا: فإنا سنأتيكم بمثل اللفظ الذي أتيتمونا به حتى لا يكون لفظ أدل على الغاية منه. من ذلك قول النبي صلى الله عليه عند طائر (3)

(1) في الأصل: " وهو ". (2) في الأصل: " وزعمهم ".
(3) انظر ما سبق في ص 134 س 9 - 10.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»