العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٤٨
ولو لم يعرف من قدره إلا أن ذكره الله باسمه في كتابه، كما ذكر لقمان، ولم يفعل هذا لغيره من هذه الأمة، لقد كان ذلك دليلا على المنزلة والقربة، فكيف يجوز أن يكون في الحديث: " اللهم عاد من عاداه ووال من والاه " وحال زيد وصفته على ما ذكرنا وفسرنا؟! مع أن اللفظ في الحديث لو كان: اللهم عاد من عاداه ووال من والاه، لم يكن فيه دلالة تضطر إلى إمامته، وحجة تقهر العقول وتحملها على معرفة خاصته، ولكنه لفظ يدل على الفضل والقدر، وليس بالتفضيل الذي لا بعده، والتقديم الذي لا فوقه.
وإنما الكلام الذي لا بعده قول النبي صلى الله عليه: " ما أحد أمن علينا بصحبته من أبى بكر " وقوله: " لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا " وقوله: " أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين ".
فإذا كان هذا الحديث مختلفا في أصله وفى صحة مخرجه، ومختلفا في تأويله وفرعه، والحجة في أصله متدافعة، والحجة في فرعه متكافئة، فكيف يكون جحد على إمامته واستحقاقه وفضيلته على نظرائه.
ولو كان هذا الحديث مجتمعا على أصله وصحة مخرجه، ثم كان لفظه محتملا لضروب التأويل، ما كان للروافض فيه حجة تقطع الخصم، وتظهر المباينة.
ولو كان هذا الحديث مجتمعا على أصله وصحة مخرجه وكان لا يحتمل من التأويل إلا معنى واحدا ما اختلفت في تأويله العلماء، ولا اضطربت فيه الفقهاء، ولكان ذلك ظاهرا لكل من صح لبه، وحسن بيانه،
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»