* ولقد لقيت غداة بدر عصبة * لأنه شهد مع المشركين بدرا وقتل قوما من المسلمين ثم فر مع من فرو ولحق بمكة.
وهو الذي كان قال وعاهد الله عند الكعبة ألا يدعوه أحد إلى واحدة من ثلاث إلا أجابه. وآثاره في أيام الفجار مشهورة تنطق بها كتب الأيام والوقائع، ولكنه لم يذكر مع الفرسان الثلاثة وهم عتيبة وبسطام وعامر، لانهم كانوا أصحاب غارات ونهب وأهل بادية، وقريش أهل مدينة وساكنو مدر وحجر، لا يرون الغارات ولا ينهبون غيرهم من العرب، وهم مقتصرون على المقام ببلدتهم وحماية حرمهم، فلذلك لم يشتهر اسمه كاشتهار هؤلاء.
ويقال له: إذا كان عمرو كما تذكر ليس هناك. فما باله لما جزع الخندق في ستة فرسان هو أحدهم فصار مع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله على أرض واحدة.
وهم ثلاثة آلاف. ودعاهم إلى البراز مرارا، لم ينتدب أحد منهم للخروج إليه، ولا سمح منهم أحد بنفسه، حتى وبخهم وقرعهم وناداهم: ألستم تزعمون أنه من قتل منا فإلى النار ومن قتل منكم فإلى الجنة؟ أفلا يشتاق أحدكم أن يذهب إلى الجنة أو يقدم عدوه إلى النار؟ فجبنوا كلهم ونكلوا، وملكهم الرعب والوهل. فإما أن يكون هذا أشجع الناس كما قيل عنه، أو يكون المسلمون كلهم أجبن العرب وأذلهم وأفشلهم.
وقد روى الناس كلهم الشعر الذي أنشده لما نكل القوم بجمعهم عنه، وأنه جال بفرسه واستدار، وذهب يمنة ثم ذهب يسرة. ثم وقف تجاه القوم فقال:
ولقد بححت من الندا * ء بجمعهم هل من مبارز ووقفت إذ جبن المشيع * وقفة القرن المناجز وكذاك أنى لم أزل * متسرعا نحو الهزاهز إن الشجاعة في الفتى * والجود من خير الغرائز فلما برز إليه على أجابه فقال له:
لا تعجلن فقد أتا * ك مجيب صوتك غير عاجز