عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٢٢٥
المأمون جماعة من الرسل يسألهم عن سقطيثا فكلهم ذكر أنه عنده وأخذ الثمن من الرسل ودفع إليهم شيئا من حانوته فصاروا إلى المأمون بأشياء مختلفة فمنهم من أتى ببعض البزور ومنهم من أتى بقطعة من حجر ومنهم من أتى بوبر فاستحسن المأمون نصح يوسف لقوة عن نفسه وأقطعه ضيعة على النهر المعروف بنهر الكلبة فهي في أيدي ورثته ومنها معاشهم فأن رأى الأمير أن يمتحن هؤلاء الصيادلة بمثل محنة المأمون فليفعل فدعا الأفشين بدفتر من دفاتر الأسروشنية فأخرج منها نحوا من عشرين اسما ووجه إلى الصيادلة من يطلب منهم أدوية مسماة بتلك الأسماء فبعضهم أنكرها وبعضهم أدعى معرفتها وأخذ الدراهم من الرسل ودفع إليهم شيئا من حانوته فأمر الأفشين بإحضار جميع الصيادلة فلما حضروا كتب لمن أنكر معرفة تلك الأسماء منشورات أذن لهم فيها بالمقام في عسكره ونفى الباقين عن العسكر ولم يأذن لأحد منهم في المقام ونادى المنادي بنفيهم وباباحة دم من وجد منهم في معسكره وكتب إلى المعتصم يسأله البعثة إليه بصيادلة لهم أديان ومذهب جميل ومتطببين كذلك فاستحسن المعتصم ذلك ووجه إليه بما سأل إسرائيل بن زكريا الطيفوري متطبب الفتح بن خاقان كان مقدما في صناعة الطب جليل القدر عند الخلفاء والملوك كثيري الاحترام له وكان مختصا بخدمة الفتح بن خاقان بصناعة الطب وله منه الجامكية الكثيرة والأنعام الوافرة وكان المتوكل بالله يرى له كثيرا ويعتمد عليه وله عند المتوكل المنزلة المكينة ومن ذلك مما حكاه إسحق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب أن إسرائيل بن زكريا ابن الطيفوري وجد على أمير المؤمنين المتوكل لما احتجم بغير إذنه فافتدى غضبه بثلاثة آلاف دينار وضيعة تغل له في السنة خمسين ألف درهم وهبها له وسجل له عليها وحكي عن عيسى بن ماسة قال رأيت المتوكل وقد عاده يوما وقد غشي عليه فصير يده تحت رأسه مخدة ثم قال للوزير يا عبد الله حياتي معلقة بحياته أن عدمته لا أعيش ثم اعتل فوجه إليه سعيد بن صالح حاجبه وموسى بن عبد الملك كاتبه يعودانه ونقلت من بعض التواريخ أن الفتح بن خاقان كان كثير العناية بإسرائيل بن الطيفوري فقدمه عند المتوكل ولم يزل حتى أنس به المتوكل وجعله في مرتبة بختيشوع وعظم قدره وكان متى ركب إلى دار المتوكل يكون موكبه مثل موكب الأمراء وأجلاء القواد وبين يديه أصحاب المقارع وأقطعه المتوكل قطيعة بسر من رأى وأمر المتوكل صقلاب وابن الخيبري بأن يركبا معه ويدور جميع سر من رأى حتى يختار المكان الذي يريده فركبا حتى اختار من الحيز خمسين ألف ذراع وضربا المنار عليه ودفع إليه ثلاثمائة ألف درهم للنفقة عليه
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»