عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١٩٨
أقول هذا الشاعر الذي يشار إليه هو ربيعة الرقى قال يوسف وحدث جبرائيل أبا إسحاق في هذا المجلس أنه دخل على العباس بعد فطر النصارى بيوم وفي رأسه فضلة من نبيذه بالأمس وذلك قبل أن يخدم جبرائيل الرشيد فقال جبرائيل للعباس كيف أصبح الأمير أعزه الله فقال العباس أصبحت كما تحب فقال له جبرائيل والله ما أصبح الأمير على ما أحب ولا على ما يحب الله ولا على ما يحب الشيطان فغضب العباس من قوله ثم قال له ما هذا الكلام قبحك الله قال جبرائيل فقلت علي البرهان فقال العباس لتأتيني به وإلا أحسنت أدبك ولم تدخل لي دارا فقال جبرائيل الذي كنت أحب أن تكون أمير المؤمنين فأنت كذلك قال العباس لا قال جبرائيل والذي يحب الله من عباده الطاعة له فيما أمرهم به ونهاهم عنه فأنت أيها الملك كذلك فقال العباس لا واستغفر الله قال جبرائيل والذي يحب الشيطان من العباد أن يكفروا بالله ويجحدوا ربوبيته فأنت كذلك أيها الأمير فقال له العباس لا ولا تعد إلى مثل هذا القول بعد يومك هذا قال فثيون الترجمان ولما عزم المأمون على الخروج إلى بلد الروم في سنة ثلاث عشرة ومائتين مرض جبرائيل مرضا شديدا قويا فلما رآه المأمون ضعيفا التمس منه إنفاذ بختيشوع ابنه معه إلى بلد الروم فأحضره وكان مثل أبيه في الفهم والعقل والسرو ولما خاطبه المأمون وسمع حسن جوابه فرح به فرحا شديدا وأكرمه غاية الإكرام ورفع منزلته وأخرجه معه إلى بلد الروم ولما خرج المأمون طال مرض جبرائيل إلى أن بلغ الموت وعمل وصيته إلى المأمون ودفعها إلى ميخائيل صهره ومات فمضى في تجميل موته ما لم يمض لأمثاله بحسب استحقاقه بأفعاله الحسنة وخيريته ودفن في دير مارسرجس بالمدائن ولما عاد ابنه بختيشوع من بلد الروم جمع للدير رهبانا وأجرى عليهم جميع ما يحتاجون إليه وقال فثيون الترجمان إن جنس جورجس وولده كانوا أجمل أهل زمانهم بما خصهم الله به من شرف النفوس ونبل الهمم ومن البر والمعروف والإفضال والصدقات وتفقد المرضى من الفقراء والمساكين والأخذ بأيدي المنكوبين والمرهوقين على ما يتجاوز الحد في الصفة والشرح أقول وكانت مدة خدمة جبرائيل بن بختيشوع للرشيد منذ خدمه وإلى أن توفي الرشيد ثلاثا وعشرين سنة ووجد في خزانة بختيشوع بن جبرائيل مدرج فيه عمل بخط كاتب جبرائيل بن بختيشوع الكبير واصطلاحات بخط جبرائيل لما صار إليه في خدمته الرشيد يذكر أن رزقه كان من رسم العامة في كل شهر من الورق عشرة آلاف درهم يكون في السنة مائة وعشرون ألف درهم في مدة ثلاثة وعشرين سنة ألفا ألف وستمائة وستون ألفا ونزله في الشهر خمسة آلاف درهم يكون في السنة ستون ألف درهم في مدة ثلاث وعشرين سنة ألف ألف وثلاثمائة وثمانون ألف درهم ومن رسم
(١٩٨)
مفاتيح البحث: الموت (2)، الصدق (1)، المرض (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»