معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ١٤٢
لا جعبريات ولا طهاملا يمسين عن قس الأذى غوافلا قلعة جعبر على الفرات بين بالس والرقة قرب صفين، وكانت قديما تسمى ودسر فملكها رجل من بني قشير أعمى يقال له جعبر بن مالك وكان يخيف السبيل ويلتجئ إليها، ولما قصد السلطان جلال الدين ملك شاه بن أرسلان ديار ربيعة ومضر نازلها وأخذها من جعبر ونفى عنها بني قشير وسار إلى حلب وقلعتها لسالم بن مالك بن بدران بن مقلد العقيلي، وكان شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران بن مقلد ابن عمه قد استخلف فيها ثم قتل مسلم وسلم حلب إلى ملك شاه في شهر رمضان سنة 499 ودخلها وعوض سالم بن مالك عن حلب قلعة جعبر وسلمها إليه، فأقام بها سنين كثيرة ومات، ووليها ولده إلى أن أخذها نور الدين محمود بن زنكي من شهاب الدين مالك بن علي بن مالك بن سالم لأنه كان نزل يتصيد فأسره بنو كلب وحملوه إلى نور الدين وجرت له معه خطوب حتى عوضه عنها سروج وأعمالها وملاحة حلب وباب بزاعة وعشرين ألف دينار، وقيل لصاحبها: أيما أحب إليك القلعة أم هذا العوض? فقال: هذا أكثر مالا وأما بالعز ففقدناه بمفارقة القلعة، ثم انتقلت إلى نبي أيوب، فهي الآن للملك الحافظ ابن العادل أبي بكر بن أيوب.
جعران: فعلان من الجعر، وهو نجو كل ذات مخلب من السباع، وجعران: موضع.
الجعرانة: بكسر أوله إجماعا ثم إن أصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءه، وأهل الاتقان والأدب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء، وقد حكي عن الشافعي أنه قال، المحدثون يخطئون في تشديد الجعرانة وتخفيف الحديبية، إلى هنا مما نقلته، والذي عندنا أنهما روايتان جيدتان، حكى إسماعيل بن القاضي عن علي بن المديني أنه قال: أهل المدينة يثقلونه ويثقلون الحديبية وأهل العراق يخففونهما ومذهب الشافعي تخفيف الجعرانة، وسمع من العرب من قد يثقلها، وبالتخفيف قيدها الخطابي:
وهي ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، نزلها النبي، صلى الله عليه وسلم، لما قسم غنائم هوازن مرجعه من غزاة حنين وأحرم منها، صلى الله عليه وسلم، وله فيها مسجد، وبها بئار متقاربة، وأما في الشعر فلم نسمعها إلا مخففة، قال:
فيا ليت في الجعرانة، اليوم دارها، وداري ما بين الشآم فكبكب فكنت أراها في الملبين ساعة ببطن منى، ترمي جمار المحصب وقال آخر:
أشاقك بالجعرانة الركب ضحوة، يؤمون بيتا بالنذور السوامر فظلت كمقمور بها ضل سعيه، فجئ بعنس مشمخر مسامر وهذا شعر أثر التوليد والضعف عليه ظاهر، كتب كما وجد، وقال أبو العباس القاضي: أفضل العمرة لأهل مكة ومن جاورها من الجعرانة لان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اعتمر منها، وهي من مكة على بريد من طريق العراق، فإن أخطأ ذلك فمن التنعيم، وذكر سيف بن عمر في كتاب الفتوح ونقلته من خط ابن الخاضبة قال: أول من قدم أرض فارس حرملة بن مريطة وسلمى بن القين وكانا من المهاجرين ومن صالحي الصاحبة، فنزلا أطد ونعمان والجعرانة في أربعة آلاف من بني تميم والرباب، وكان
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»