ومحاسنهم وأما أبو العباس فإني لما خرجت الفوائد لأبيه رأيت له سماعات كثيرة عن أبي حامد بن الشرقي ومكي بن عبدان وأقرانهما، وحدث أبو العباس بعد ذلك سنين، وتوفي في النصف من شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
وأبو محمد الحسن بن أبي بكر بن المؤمل بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس الماسرجسي: كان أديبا فصيحا، حج مع أبيه سنة إحدى وأربعين، قال الحاكم: أبو عبد الله الحافظ: حججت معهما فجاء أهل العلم ببغداد يسألون الشيخ أبا بكر أن يحدثهم، فقال:
لم استصحب شيئا من مسموعاتي، فسألت أبا الحسن فقال: قد حملت أنا شيئا من سماعي من محمد بن إسحاق، فكتبنا عن الحسن، وكان أبو بكر يندم على ما ضيع من سماعاته إلى أن وردنا نيسابور فعقدنا له المجلس، وتوفي في شعبان سنة ثلاث وخمسين وثلاث مئة.
وأبو علي الحسين بن محمد بن أحمد بن الحسين الحافظ الماسرجسي، أخو أبي العباس، السابق ذكره، سمع جده وأباه وأبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبا العباس محمد بن إسحاق السراج وغيرهم، سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ وذكره في التاريخ وقال: أبو علي الحافظ الماسرجسي، سفينة عصره في كثرة الكتابة والسماع والرحلة، وأثبت أصحابنا في السماع والأداء، ومن بيت الحديث، فإني أعد في سلفه وبيته بضعة عشر محدثا، وكان أسند أهل عصره، وكان من أصحاب مسلم بن الحجاج، ورحل إلى العراق سنة إحدى وعشرين، فسمع أبا عبد الله بن مخلد وطبقته، ثم خرج إلى الشام، وكتب عن أصحاب هشام بن عمار وأقرانهم، ثم دخل مصر وأكثر المقام بها، وسمع أصحاب المزني، وصنف المسند الكبير في ألف وثلاث مئة جزء مهذبا بالعلم، وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبقه إليه أحد، وكان يحفظ حديث الزهري مثل الماء، وصنف المغازي والقبائل، وكان عارفا، وصنف أكثر المشايخ والأبواب، وخرج على كتاب البخاري ومسلم في الصحيح، ولم يبلغ رحمه الله وقت الحاجة إليه، نظرت أنا له في الزهري وفي الفوائد مقدار مئة وخمسين جزءا من المسند، وأدركته المنية قبل الحاجة إلى إسناده وتوفي في رجب سنة خمس وستين وثلاث مئة، شهدت جنازته وصلى عليه الفقيه أبو الحسن الماسرجسي ابن أخته، ودفن في داره وهو ابن ثمان وستين، فإن مولده كان سنة ثمان وتسعين ومائتين، ودفن علم كثير بدفنه.
ووالده أبو أحمد محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي، هو ابن أبي العباس، سمع محمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن يوسف السلمي ومسلم بن الحجاج القشيري، روى عنه أبو علي الحسين بن محمد الحافظ وابن أخيه أبو نصر وحدث بكتاب (جلود