ومحمد بن أبي بكر بن أبي صادق الغاتفري إمام فاضل صالح كثير العبادة والمجاهدة، سمع أبا بكر البلدي، وأبا محمد القطواني (والإمام الحسن بن محمد بن جعفر السمرقندي الفقاعي) سمعت منه بسمرقند، ثم قدم علينا مرو حاجا، وتوفي في المحرم سنة تسع وأربعين وخمسمائة، بفيد منصرفا (1) من الحجاز.
الغادري: بفتح الغين المعجمة، وكسر الدال المهملة، بينهما ألف، وفي آخرها الراء (2).
هذه النسبة لطائفة من الخوارج يقال لهم " الغادرية " لأنهم عذروا بالجهالات في أحكام الفروع، وهم أصحاب نجدة بن عامر الحنفي، ويقال لهم: النجدات، وكان من شأنه أنه خرج من اليمامة مع عسكر له يريد الأزارقة واللحوق بهم، فاستقبله أبو فديك وعطية بن الأسود الحنفي في الطائفة الذين خالفوا نافع بن الأزرق، فأخبروه بما أحدث نافع من الخلاف بتكفير القعدة عنة، وإباحته قتل الأطفال وإسقاط الرجم، وإسقاط حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال، مع وجوب الحد على قاذف المحصنات من النساء، فبايعوا نجدة وسمعوه أمير المؤمنين، ثم إنهم اختلفوا على نجدة فأكفره قوم منهم، لأمور نقموها منه، منها: أنه بعث ابنه مع جيش إلى أهل القطيف، فقتلوا وسبوا النساء وفرقوها على أنفسهم وقالوا: إن صارت قيمتهن في حصصنا فذلك، وإلا رددنا الفضل، ونكحوهن قبل القسمة وأكلوا من الغنيمة قبل القسمة، فلما رجعوا إلى نجدة أخبروه بذلك.
فقال: لم يسعكم ما صنعتم، فقالوا: لم نعلم أن ذلك لا يسعنا، فعذرهم بجهالتهم، واختلف أصحابه عليه في ذلك، فتبعه قوم على ذلك وعذروا بالجهالات في الحكم الاجتهادي، وقالوا: الدين شيئان: معرفة الله عز وجل، ومعرفة رسله وتحريم دماء المسلمين وأموالهم يعنون بالمسلمين موافقيهم والاقرار بما جاء من عند الله جملة، فهذا واجب على الجميع. وما سواه فالناس معذورون (3) بجهالاتهم إلى أن تقوم عليهم الحجة في