ولد بغزة من بلاد فلسطين بنواحي بيت المقدس، سنة خمسين ومائة، لعله مات في يومها الامام الأعظم أبو حنيفة رضي الله عنه وقيل: باليمن، ونشأ بمكة، وبها تعلم العلم، وبالمدينة، وسكن مصر وتوفي بها في رجب سنة أربع ومائتين.
حدث عن مالك بن أنس، ومحمد بن الحسن الشيباني، وابن عيينة. روى عنه جماعة كثيرة مثل أبي يعقوب البويطي، وأحمد بن حنبل. قال الشافعي: حفظت من كتاب محمد ما يحمل حمل بختي. روى المزني عن الشافعي أنه قال: رأيت علي بن أبي طالب في النوم، فسلم علي وصافحني، وخلع خاتمه فجعله في إصبعي; وكان لي عم ففسرها وقال لي: أما مصافحتك لعلي فأمان من العذاب، وأما خلع خاتمه وجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي في الشرق والغرب. وكان يفتي وله خمس عشرة سنة، وكان يحيي الليل إلى أن مات.
وقال له مسلم بن خالد الزنجي - ومر علي الشافعي وهو يفتي وهو ابن خمس عشرة سنة، فقال: يا أبا عبد الله أفت فقد آن لك أن تفتي (1).
وكتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي - وهو شاب - أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الاخبار فيه، وحجة الاجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له كتاب " الرسالة ". قال عبد الرحمن بن مهدي: ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها.
وحكي أن بشرا المريسي لما حج رجع فقال لأصحابه: رأيت شابا من قريش بمكة، ما أخاف على مذهبنا إلا منه - يعني الشافعي -.
وروي أن إسحاق بن راهويه قال: أخذ أحمد بن حنبل بيدي وقال: تعال حتى أذهب بك إلى من لم تر عيناك مثله، فذهب بي إلى الشافعي. وذكر أحمد بن حنبل قال: ستة أدعو لهم سحرا، أحدهم الشافعي. وذكر صالح بن أحمد بن حنبل قال: مشى أبي مع بغلة الشافعي، فبعث إليه يحيى بن معين وقال: يا أبا عبد الله أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته!
فقال: يا أبا زكريا لو مشيت من الجانب الآخر كان أنفع لك. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: يا أبة! أي رجل كان الشافعي؟ فإني سمعتك تكثر من الدعاء له! فقال