الأنساب - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٣٨
عكرمة عن ابن عباس حدثني علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فيه قال: لما أمر الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر رضي الله عنه فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر وكان مقدما في كل خير وكان رجلا نسابة فسلم وقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة، قال: وأي ربيعة أنتم أمن هامتها أم من لهازمها؟ فقالوا: بل من الهامة العظمى، فقال أبو بكر: وأي هامتها العظمى أنتم؟ قالوا:
من ذهل الأكبر، قال: منكم عوف الذي يقال لا حر بوادي عوف؟ قالوا: لا، قال: فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار ومانع الجار؟ قالوا: لا، قال: فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء ومنتهى الاحياء قالوا: لا، قال: فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا، قال: فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لا، قال: فمنكم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا: لا، قال: فمنكم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لا، قال أبو بكر رضي الله عنه: فلستم ذهلا الأكبر أنتم ذهل الأصغر، قال: فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل حين بقل وجهه فقال:
إن على سائلنا أن نسأله * والعبء لا تعرفه أو تحمله يا هذا إنك سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا، فممن الرجل؟ قال أبو بكر: أنا من قريش، فقال الفتى: بخ بخ أهل الشرف والرئاسة! فمن أي القرشيين أنت؟ قال: من ولد تيم بن مرة، فقال الفتى: أمكنت والله من سواء الثغرة، أفمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمعا؟ قال: لا، قال: فمنكم - أظنه قال - هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف؟ قال: لا، قال: فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير السماء الذي كأنه القمر في وجهه يضئ في الليلة الداجية الظلماء؟ قال: لا، قال: فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال: لا، فمن أهل الحجابة أنت؟ قال: لا، قال:
فمن أهل السقاية أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الندوة أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الرفادة أنت؟ قال: لا، قال: واجتذب أبو بكر زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الغلام:
صادف درء السيل درءا يدفعه * يهيضه حينا وحينا يصدعه أما والله لو ثبت لأخبرتك من أي قريش أنت. قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال علي رضي الله عنه فقلت: يا أبا بكر! لقد وقعت من الاعرابي على باقعة، قال: أجل يا أبا الحسن! ما من طامة إلا وفوقها طامة والبلاء موكل بالمنطق، قال: ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر رضي الله عنه فسلم فقال: ممن القوم؟ قالوا: من
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»