البرقي يقول: دخلت بغداد فألفينا بها أبا عبد الله البصري الملقب بجعل وكان له صيت ومنزلة فقال لي يوما: أيها الفتى ألا أرشدك إلى كتاب المرشد الذي صنفته تهتدي به؟ فقلت له:
إني رجل حنفي المذهب سني الاعتقاد خوارزمي الأصل بخاري المنشأ فلا أميل إلى بدعتك ولا أصغي إلى دعوتك، فآذاني بلسانه وسبني، فقلت: ما أليق هذا اللقب بك وإن الألقاب تنزل من السماء. قال البصيري: وكنت أقرأ يوما الحديث على أبي بكر أحمد بن محمد البرقي في آخر عمره أيام اعتقال لسانه حديث الخليل بن أحمد القاضي فجرى على لساني في ذكر علي بن أبي طالب: كرم الله وجهه، فمنعني بيده عن هذا الثناء وأشار إلى بويه (1) لسانه وجعل يتلو * (رضي الله عنهم ورضوا عنه) * (2) فعلمت أنه يأمرني بأن أقول: رضي الله عنه، ولا أقول: كرم الله وجهه. وأما أبو عبد الله بن أبي بكر هو محمد بن أحمد بن محمد البرقي، نشأ مقدما وولي قضاء بخارا ثم وزارة طمغاج خان ثم صارت إليه رياسة بخارا، وكان مفتيا مدرسا مقدما، سمع الحديث الكثير والكتب الكبار، ولقبه شرف الرؤساء، قال ابن ماكولا: سمعت منه جامع أبي عيسى الترمذي عن أبي القاسم الخزاعي عن الهيثم بن كليب عنه، وسمعت منه غريب الحديث لأبي محمد بن قتيبة عن الحصري عن الهيثم عنه، وغير ذلك، وكان ثقة مأمونا فاضلا أديبا له شعر.
البركدي: بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الكاف وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى بركد وهي قرية من قرى بخارا، منها أبو جعفر محمد بن أحمد بن موسى بن سلام القاضي البركدي، كان على مظالم بخارا، سمع من أهل بلده والمراوزة، روى عن أبيه وسعيد بن أيوب والوليد بن إسماعيل وأبي عصمة سعد بن معاذ وأبي عبد الله بن أبي حفص وغيرهم، روى عنه أبو حفص أحمد بن أحمد بن حمدان وأبو بكر أحمد بن سعد بن نصر وسعيدة بنت حفص بن المهتدي وغيرهم، ومات في ذي الحجة سنة تسع وثمانين ومائتين في ولاية الأمير أبي إبراهيم إسماعيل بن أحمد وجناح بن عبد الله البركدي والد الضحاك بن جناح المؤدب، يروي عن عيسى بن موسى الغنجار، روى عنه ابنه الضحاك بن جناح بن عبد الله البركدي، وروى عن الضحاك سهل بن شاذويه. وأبو جعفر محمد بن أحمد بن موسى بن سلام القاضي البركدي، من قرية بركد وكان على مظالم بخارا، كان يروي عن أبيه أحمد بن موسى وسعيد بن أيوب وأبي إبراهيم إسحاق بن عبد الله، روى عنه أبو بكر أحمد بن سعد بن نصر بن بكار الزاهد.