الأعلام - خير الدين الزركلي - ج ٧ - الصفحة ١٥٨
أصله من مراكش، من ذرية الشيخ الجرولي صاحب دلائل الخيرات. انتقل أحد أسلافه إلى الديار المصرية، فولد فيها أبوه بقرية بيبان (من البحيرة) ورحل إلى تونس فقرأ في جامع الزيتونة وعاد إلى الشرق فأقام بدمشق واشتهر بالمغربي. وولد صاحب الترجمة في دمشق، فحفظ الصحيحين غيبا بأسانيدهما ونحو 20 ألف بيت من متون العلوم المختلفة، وانقطع للعبادة والتدريس. وكان ورعا صواما بعيدا عن الدنيا، ارتفعت مكانته عند الحكام وأهل الشام، حتى أن بعض العامة من أهل دمشق حين اشتد بغي (الاتحاديين) من رجال الترك، في خلال الحرب العامة الأولى، عرضوا عليه البيعة بالخلافة، والثورة معه، فزجرهم، وزاد في انزوائه واعتكافه، وكان يأبى الافتاء ولا يرغب في التصنيف، فلم نعرف له غير رسالتين مطبوعتين: إحداهما في سنده لصحيح البخاري والثانية في شرح قصيدة (غرامي صحيح) في مصطلح الحديث. وله ثالثة مخطوطة سماها (الدرر البهية في شرح المنظومة البيقونية - خ) في خزانة الرباط (1295 كتاني) جاء اسمه عليها (محمد بدر الدين بن يوسف بن بدر الدين).
ويقول من قرأوا عليه مدة طويلة إنه ألف نحو (أربعين) كتابا قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره، ولا أعلم أين ذهبت. وكتبت إلى السيد محمد سعيد الحمزاوي، نقيب الاشراف بدمشق، أسأله عن تآليف الشيخ بدر الدين، فبعث إلي بقصيدة من نظم طاهر الأتاسي (المتقدمة ترجمته) يمدح بها الشيخ، ويذكر كتبه، منها:
له تآليف في نهج الهداية قد أضحت من الفضل تتلو أبلغ السور على الجلالين في التفسير حاشية أرق من دمع صب لج في السحر ومعرب جاء للقرآن، تبينة عليك فيه، وليس الخبر كالخبر ثم يعدد من تآليفه: (شرح البخاري) و (شرح الشمائل) و (شرح الشفا) و (شرح البيقونية) في المصطلح، و (حاشية على شرح مختصر ابن الحاجب) في الأصول، و (حاشية على عقائد النسفي) و (شرح نظم السنوسية) و (شرح الخلاصة) في الحساب، وحواشي على شروح الشذور والقطر والجامي، في النحو و (شرح مغني اللبيب) و (شرح لامية الأفعال) و (شرح السلم) في المنطق، و (حاشية على المطول) وكتبا أخرى.
وذكر الحمزاوي أنه انتهى، بعد طول البحث، إلى رؤية اثنتى عشرة رسالة، مما بقي لصاحب الترجمة، في الحديث والتوحيد والتفسير. وفى ترجمة ضافية له، كتبها السيد الحمزاوي، أنه، لما قامت الثورة على الاحتلال الفرنسي في سورية:
(كان الشيخ يطوف المدن السورية، متنقلا من بلدة إلى أخرى، حاثا على الجهاد، وحاضا عليه، يقابل الثائرين، ويغذيهم برأيه وينصح لهم بالخطط الحكيمة، فكان أبا روحيا للثورة والثائرين المجاهدين) وتوفي بدمشق (1).
محمد الخامس (1329 - 1380 ه‍ = 1911 - 1961 م) محمد (الخامس) بن يوسف بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى العلوي، أبو الحسن المنصور بالله: ملك المغرب، ورمز نهضته الحديثة. ولد بفاس وتعلم بها وبالرباط وكان بفاس يوم بويع له بعد وفاة والده (سنة 1346 ه‍ 1927 م) فانتقل إلى (الرباط) عاصمة المغرب في عهد أبيه. وكان الاحتلال الفرنسي المعبر عنه بالحماية، هو المرجع الأعلى في سياسة البلاد وإدارتها وليس للملك الذي كان يدعى بالسلطان، ولا للقصر الملكي الذي يسمى (المخزن) الا المظهر الديني في مواسم الأعياد الاسلامية، ووضع (الطابع الشريف) أي الخاتم، على الأحكام الشرعية وشؤون الاحباس (الأوقاف) ولم يكن محمد أكبر إخوته للشيخ عبد الرزاق البيطار، سجعات في ترجمة صاحب الترجمة، قال في جملتها: (له حافظة تحصي له كل ما يسمع، وإدراك هو أخف من مر النسيم وأسرع، يقرأ في كل يوم جمعة بعد الصلاة صحيح البخاري في جامع بني أمية، ويزدحم الناس على درسه ازدحام الطالبين على العطية، غير أنه يسرد ما علقه بذهنه ولا سؤال من أحد ولا جواب، ومن رام إبداء إشكال فلا يجد لدخول حله من باب).

(١) مذكرات المؤلف. والدر الفريد ١٤ ونفجة البشام ١١١ ومجلة المجمع العلمي العربي ١٣: ٢٩٧ و ٣٥١ والشيخ على الطنطاوي، في مجلة الرسالة 3:
1087 وجريدة الجزيرة 6 و 9 ربيع الاخر 1354 وفى حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - خ.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»