الذريعة - آقا بزرگ الطهراني - ج ٥ - الصفحة ٢٣٦
" جواب أهل الرقة " في الأهلة والعدد، وقال بالرؤية، وقد رد أصحاب العدد أيضا في كتابه " مصابيح النور في علامات أوائل الشهور " كما أحال إليه في مواضع من هذه الموصليات، وقال أنه مغن عن غيره في اثبات دخول النقص على شهر رمضان، فقد كتب هذه الكتب الثلاثة في اثبات دخول النقص على شهر رمضان (1).
(1135: جوابات المسائل المنتجبة) أو المنتخبة، في الحكمة والفلسفة بالفارسية لافضل الدين الكاشاني مؤلف جاودان نامه " المذكور في (ص 77) سألها عنه منتجب الدين أو منتخب الدين موجود ضمن مجموعة من تصانيف أفضل الدين (1136: جوابات المسائل المهنائية الأولى) الواردة من السيد مهنا بن سنان بن

(١) لا يخفى أنه ألف هذه الكتب بعد رجوعه عن القول بتمامية شهر رمضان وعدم دخول النقص فيه أبدا ذلك القول الذي كتب في اثباته كتابه " لمح البرهان في عدم نقصان شهر رمضان " رادا فيه على شيخه وشيخ القميين في وقته. محمد ابن أحمد بن داود بن علي القمي، القائل بوقوع النقص على شهر رمضان وانتصارا لشيخه الآخر القائل بتماميته أبدا، وهو أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، وكان تأليف " لمح البرهان " في (٣٦٣) وعد فيه من المشايخ القائلين بعدم النقص فيه غير شيخه ابن قولويه المذكور جمعا آخر منهم شيخه السيد الشريف الزكي أبو محمد الحسن بن حمزة الطبري، وشيخه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه، وأخوه أبو عبد الله الحسين بن علي بن بابويه، وأبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، وكان " لمح البرهان " عند السيد ابن طاوس ونقل بعض عباراته في أوائل " مضمار السبق " في أعمال شهر رمضان المطبوع في ضمن " الاقبال " وقبل النقل عنه قال (وأعلم أن اختلاف أصحابنا في أن شهر رمضان هل يمكن أن يكون تسعة وعشرين يوما على اليقين أو أنه ثلاثون لا ينقص أبد الآبدين فإنهم كانوا قبل الآن [زمن تأليف الاقبال سنة ٦٥٠ وبعدها] مختلفين وأما الآن فلم أجد فيمن شاهدته أو سمعت به في زماننا من يذهب إلى أن شهر رمضان لا يصح عليه النقصان) وذكر أن وقوع النقص عليه مما يشهد به الوجدان والعيان وعمل السلف عليه، وذكر بعض من كان من السلف قائلا بعدم النقصان ثم عدل عنه إلى القول بوقوع النقص مثل الشيخ المفيد المؤلف أولا كتابه " لمح البرهان " في عدم النقص ثم عدل وكتب الكتب الثلاثة وكذا العلامة الكراجكي الذي كتب أولا تصنيفا في عدم النقص ثم عدل وصنف " الكافي " اثباتا للنقص (أقول) وممن يظهر منه العدول في الجملة الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه فإنه قد كتب أولا في " الخصال " ما لفظه (قال مصنف هذا الكتاب من خواص الشيعة وأهل الاستبصار منهم في شهر رمضان أنه لا ينقص عن ثلاثين يوما أبدا، والاخبار في ذلك موافقة للكتاب ومخالفة للعامة، فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الاخبار التي وردت للتقية في أنه ينقص ويصيبه ما يصيب الشهور من النقصان والتمام. أتقى كما يتقى العامة، ولم يكلم به العامة) ثم عدل عنه في جملة كتبه كالفقيه الذي لا يذكر فيه الا ما يفتى به ويحكم بصحته، فأنه - عقد أولا بابا لوجوب الصوم بالرؤية والفطر بالرؤية، وذكر أحاديثه ثم عقد بابا للصوم في يوم الشك وحكم باستحبابه وجواز افطاره جزما وعدم جوازنية الوجوب فيه لو صامه وذلك كله على خلاف رأى أصحاب العدد ونقض لقولهم فأنهم يحكمون بوجوب الصوم بعد تسعة وعشرين يوما من شعبان دائما في كل سنة سواء رؤي الهلال أم لا، ويعدون يوم الشك من شهر رمضان، فشهر شعبان عندهم ناقص أبدا، وشهر رمضان تام أبدا، وهكذا إلى آخر الدهر. كما هو صريح بعض شواذ الأخبار المذكورة في كتبنا في أبواب النوادر، ولذا اعترض عليهم الشيخ المفيد في هذه الجوابات بأن هذه الأخبار مع الشذوذ، وضعف الاسناد يخالف متنها اطلاق الكتاب العزيز حيث أنه أطلق الشهر على شهر رمضان في القرآن الشريف مكررا، والشهر عند قدماء العرب العرباء هو الوقت المحدود أولا وآخرا برؤية الهلال، فشهر رمضان أحد الشهور الاثني عشر وحاله كحال غيره في اطلاق الكتاب ويخالف أيضا السنة المتواترة معنا والأحاديث الدالة على أن شهر رمضان يدخله ما يدخل سائر الشهور من الاختلاف في التمام والنقصان، ويخالف الاجماع أيضا لأنه أجمعت الأصحاب على العمل بأحاديث الرؤية حتى لو أهل الهلال في ليلة الثلاثين من شعبان وأهل أيضا بعد مضى تسع وعشرين ليلة يحرم الصوم يوم الثلاثين لكونه عيدا بالاجماع من الأمة ولا يجب عليه قضاء يوم بالاتفاق من الأصحاب، ومقتضى كونه تاما وجوب القضاء أيضا، فالقول بكونه تاما أبدا مخالف للاجماع بل هو خلاف الوجدان والعيان كما ذكره ابن طاوس، بل ذكر الشيخ المفيد أنه لا يصح القول بكونه تاما دائما على حساب ملي ولا ذمي ولا مسلم ولا منجم، فهو مخالف لقول علماء الاسلام وسائر الملل. المنجمين منهم والهيئيين، وأهل الأرصاد وغيرهم.
ومن فرسخافة هذا الرأي يحصل الجزم بأن القول بالعدد انما كان لبعض الأقدمين ممن لم يبلغ مرتبة من العلم، فيتجمد على اللفظ، وهم موجودون في كل عصر وكل مكان، وقد عبر عنهم الشيخ المفيد في هذه الجوابات بقوله أصحاب العدد المتعلقين بالنقل (المعبر عنهم بالأخبارية أو الحشوية) أما القدماء الاجلاء الذين عدهم المفيد في كتابه " لمح البرهان " من القائلين بالعدد ومنهم الشيخ الصدوق فلم يقع إلينا ألفاظهم حتى نعرف الحال جزما لكن المظنون أن قولهم بالعدد كان نظير قول الصدوق في أنهم كانوا يعملون بالاخبار المتواترة في الرؤية ويحرمون صوم يوم الشك بنية الوجوب، لكنهم من باب الاحتياط ولزوم الجمع في العمل بالاخبار مهما أمكن يجعلون عملهم على طبق القول بالعدد في بعض المقامات وهو فيما لو ترك صوم آخر شعبان المشكوك فيه لعدم الرؤية ثم صام بعده تسعة وعشرين يوما وفي ليلة الثلاثين أهل شوال فان ثبت من دليل شرعي أن اليوم الذي كان مشكوكا فأفطره كان من شهر رمضان فيجب قضاؤه اجماعا وان لم يثبت ذلك فلا قضاء الاعلى اختيار الصدوق فهو يوجبه عملا بالاخبار الدالة أنه تام أبدا، وبالجملة الصدوق موافق مع الأصحاب في العمل بالرؤية وجعلها مدار الصوم والافطار من غير اعتناء بالعدد الا في فرع واحد عمل فيه بأخبار العدد فحكم بوجوب القضاء على من أفطر يوم الثلثين من شعبان لمجرد احتمال كونه أول شهر رمضان وأن لم يثبت ذلك شرعا، والأصحاب لا يحكمون بوجوب القضاء الا إذا ثبت أنه كان من شهر رمضان، والى ذلك أشار في الفقيه في أواخر كتاب الصوم في باب النادر، عند ذكر بعض أخبار العدد، كما نبه عليه المولى محمد تقي المجلسي في شرحه الفارسي للفقيه الموسوم -: " لوامع صاحب قراني " في (ج 2 - ص 230).
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»