ما نمت ليلة واحدة بطولها وكنت كلما تحيرت في مسألة ترددت إلى الجامع وصليت وابتهلت إلى مبدع الكل حتى فتح لي المغلق منه وكنت ارجع بالليل إلى داري فمهما غلبني النوم عدلت إلى شرب قدح من الشراب ريثما تعود إلي قوتي إلى أن قال سألني جارنا أبو الحسن العروضي ان أصنف له جامعا في هذا العلم فصنفت له المجموع وسميته به وأتيت فيه على سائر العلوم سوى الرياضي ولى إذ ذك إحدى وعشرون سنة وصنفت (الحاصل والمحصول) في عشرين مجلدة (البر والاثم) ثم مات الوالد وتقلدت شيئا من الأعمال وذكر من تصانيفه شيئا كثيرا منها (لسان العرب) عشر مجلدات و (كتاب المبدأ والمعاد) وغير ذلك وهي تنيف على مائة مجلد * ثم ولى الوزارة لشمس الدولة بهمدان ثم حبس في ولاية ابنه تاج الملك بالقلعة ثم قصد علاء الدولة همدان واخذها ثم أطلق ابن سيناء ورحل إلى علاء الدولة فبالغ في إكرامه * قال تلميذه أبو عبيد الجوزجاني وكان سبب تصنيفه (كتاب لسان العرب) انه كان في حضرة الأمير وقد امتلأ المجلس من أكابر العلماء فتكلم الشيخ فناظرهم وقطعهم إلى أن جاءت مسألة في اللغة فتكلم فيها فقال له الشيخ أبو منصور اللغوي أنت حكيم ولو قرأت في اللغة ما نرضى من كلامك فيها فوجد وعلق بعد هذا على كتب اللغة مدة إلى أن صنف ثلاث رسائل وضمنها من الألفاظ الحوشية ما لا عهد به وعتقها وأرسلها مع رسول من الأمير إلى الشيخ أبي منصور انه وجدها في الفلاة ملقاة لما كان في الصيد فنظر فيها فوقف على أشياء وذلك بحضرة الشيخ فكان كلما وقف في كلمة قال له هي مذكورة في الباب الفلاني من الكتاب الفلاني فلما فطن لذلك اعتذر إليه انتهى * وذكره تاج الدين محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في (كتاب الملل والنحل) لما سرد أسامي فلاسفة الاسلام
(٢٩٢)