قال العراقي في " فتح المغيث " (3 / 314) واعن بعلم الجرح والتعديل * فإنه المرقاة للتفضيل بين الصحيح والسقيم واحذر * من غرض بالجرح أي خطر وكانت جماعة أهل الحديث عليهم رحمة الله، وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتباعهم، أحق بهذا الامر، فشمروا عن ساعد الجد، وآثروا قطع المفاوز في طلب السنن والآثار، كما تصدى هؤلاء لمعرفة الثقات والضعفاء في كل عصر حسب الحاجة إليها، فعدلوا وجرحوا، ووثقوا وأعطوا كل ذي حق حقه، وأنزلوا كلا منزلته من غير مبالاة بشئ، ولا محاباة أحد، حتى لم يراعوا في هذا السبيل أبا ولا ابنا ولا رحما وقريبا، ولا صديقا وقرينا.
وكتبوا القواعد في معرفة المقبول والمردود من الرواة والمرويات، ثم أفردوا التأليف في الجرح والتعديل، وكتابة تواريخ الرواة، ونقدوا الرجال في يقظة وعلم.
ومن أهم كتب الرواية هي الكتب الستة، وهي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة.
ونظرا لأهميتها فقد اهتم العلماء بالنظر في أسانيد رواياتها ومعرفة المردود منها والمقبول، وألفوا في رواتها كتبا خاصة، أحيانا في كل كتاب على حدة، أو في رجال كتابين أو أكثر.
حتى جاء الامام الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي المتوفى سنة 600 ه بجمع رجال الكتب الستة فكان عملا لم يسبقه به أحد، بل كل من جاء بعده عيال عليه، وأسماه: " الكمال في أسماء الرجال ".
كتاب التقريب وأصله:
ويعد كتاب التقريب هذا الذي نحن بصدد التقديم له هو أحد مختصرات " كتاب الكمال " للمقدسي.
فكتاب " الكمال " للمقدسي يعتبر أصلا لمن جاء بعده من الكتب في هذا الباب، إلا أنه أطال في ذكر تاريخ الراوي، فأعوزه بعض الاستدراك والتحرير والتهذيب، فهذبه الحافظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي المتوفى سنة 742 ه في كتاب " تهذيب الكمال " أقام في عمله ثمان سنين إلا شهرا واحدا، وذكر