فلما أن سمعنا ذلك من السفار اشتقت إلى أن أرى المذكور فتجهزت في تجارة وسافرت إلى أن دخلت مكة فسألت عن الرجل الموصوف فدلوني على موضعه فأتيت إلى منزله فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت عليه فوجدته جالسا في وسط المنزل والأنوار تتلألأ في وجهه وقد استنارت محاسنه وتغيرت صفاته التي كنت أعهدها في السفرة الأولى فلم أعرفه فلما سلمت عليه نظر إلي وتبسم وعرفني وقال وعليك السلام ادن مني وكان بين يديه طبق فيه رطب وحوله جماعة من أصحابه يعظمونه ويبجلونه فتوقفت لهيبته فقال يا أبانا ادن مني وكل الموافقة من المروءة والمنافقة من الزندقة فتقدمت وجلست وأكلت معه من الرطب وصار يناولني الرطب بيده المباركة إلى أن ناولني ست رطبات سوى ما أكلت بيدي ثم نظر إلي وتبسم فقال ألم تعرفني قلت كأني غير أني ما أتحقق فقال ألم تحملني في عام كذا وجاوزت بي السيل حين حال السيل بيني وبين إبلي فعرفته بالعلامة وقلت له بلى يا صبيح الوجه فقال لي أمدد يدك فمددت يدي اليمنى إليه فصافحني بيده اليمنى وقال قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقلت ذلك كما علمني فسر بذلك وقال لي عند خروجي من عنده بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك فودعته وأنا مستبشر بلقائه وبالاسلام فاستجاب الله دعاء نبيه وبارك في عمري بكل دعوة مائة سنة وها عمري اليوم ستمائة سنة وزيادة وجميع من في هذه الضيعة العظيمة أولادي وأولاد أولادي فتح الله علي وعليهم بكل خير وبكل نعمة ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وقعت لي روايات أخرى غير ما ذكره الذهبي إلى رتن منها ما قرأت في كتاب الوحيد في سلوك أهل طريق التوحيد للشيخ عبد الغفار بن نوح القوصي وقد لقيت حفيده الشيخ عبد الغفار بن أحمد بن عبد الغفار وهو يروي عن أبيه عن جده قال حدثني الشيخ محمد العجمي قال صحبت كمال الدين الشيرازي وكان قد أسن وبلغ مائة وستين سنة قال صحبت رتن الهندي وقال إنه حضر الخندق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه قال عبد الغفار بن نوح وحدثني الشيخ عماد الدين السكري خطيب جامع الحاكم عن الشيخ إسماعيل الفارقي عن خواجة رتن الهندي فذكر حديثا وقال البهاء الجندي في تاريخ اليمن وجدت بخط الشيخ حسن بن عمر بن محمد علي بن أبي القاسم الحميري أخبر الشيخ العالم المحدث أبو الحسن بن شبيب بن
(٤٤١)