العامل العاشر حكمة الله ورسوله في التربية والتعليم، وحسن سياستهما في الدعوة والارشاد مما جعل الكتاب والسنة يتقرران في الأذهان، ويسهلان على الصحابة في الحفظ والاستظهار.
اما القرآن الكريم فحسبك أن تعرف من حكمة الله في التربية والتعليم أنه أنزله على الأمة الاسلامية باللغة الحبيبة إلى نفوسهم، وبالأسلوب الخلاب والنظم المعجر الاخذ بقلوبهم وانه تدرج بهم في نزوله، فلم ينزل جملة واحدة يرهقهم به ويعجزون عنه بل أنزله منجما في مدى عشرين أو بضع وعشرين سنة، ثم ربطه بالحوادث والأسباب الخاصة في كثير من آياته وسوره، ودعمه بالدليل والحجة، وخاطب به العقول والضمائر، وناط به مصلحتهم وخيرهم وسعادتهم، وصدر في ذلك كله عن جنة واسعة بهم يكادون يلمسونها باليد ويرونها بالعين (ما يريد الله ليجعل عليكم كم حرج، ولكم يريد ليطهركم، وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون). (من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد) واما السنة النبوية فلقد كان محمد صلى الله عليه وسلم هو المعلم الأول في دعاية تلك الوسائل الموضحة، ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان الناس لسانا وأوضحهم بيانا، وأجودهم القاء، ينتقي عيون الكلام وهو الذي أوتي جوامع الكم، ولا يسرد الحديث سردا يزري برونقه أو يذهب بجزء منه، يل يتكلم كلاما لو عدة العاد لأحصاه، وكان يعيد الكلمة ثلاثا أو أكثر من ثلاث عند الحاجة كيما تحفظ عنه صلى الله عليه وسلم قوله: " هلك المتنطعون " قالها ثلاثا، قال:
" الا أنبئكم بأكبر الكبائر - ثلاثا - قلنا: بلى يا رسول الله، قال: " الاشراك بالله، وعقوق الوالدين، الا وقول الزور وشهادة الزور - وكان متكئا فجلس - فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت "