الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ١٦٣
وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا] ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة. انتهى والأحاديث الواردة في تفضيل الصحابة كثيرة، من أدلها على المقصود ما رواه الترمذي وابن حبان في " صحيحه "، من حديث عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ".
وقال أبو محمد بن حزم: الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا، قال الله تعالى: ( يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى) [الحديث: 10]، وقال تعالى: (إن الذين سبقت لهم منا الحسني أولئك عنها مبعدون) [الأنبياء: 101]، فثبت أن الجميع من أهل الجنة، وأنه لا يدخل أحد منهم النار، لأنهم المخاطبون بالآية السابقة.
فإن قيل: التقييد بالانفاق والقتال يخرج من لم يتصف بذلك، وكذلك التقييد بالاحسان في الآية السابقة، وهي قوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان) [التوبة: 100] الآية - يخرج من لم يتصف بذلك، وهي من أصرح ما ورد في المقصود، ولهذا قال المازري في " شرح البرهان ": لسنا نعني بقولنا:
الصابة عدول - كل من رآه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوما ما، أو زاره لماما، أو اجتمع به لغرض وانصرف عن كتب، وإنما نعني به الذين لازموه، وعزروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون. انتهي والجواب عن ذلك أن التقييدات المذكورة خرجت مخرج الغالب، وإلا فالمراد من اتصف بالانفاق والقتال بالفعل أو القوة، وأما كلام المازري فلم يوافق، بل اعترضه
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»