الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ١٥٩
والعياذ بالله، وقد وجد من ذلك عدد يسير، كعبيد الله بن جحش الذي كان زوج أم حبيبة، فإنه أسلم معها، وهاجر إلى الحبشة، فتنصر هو ومات على نصرانيته، وكعبد الله بن خطل الذي قتل وهو متعلق بأستار الكعبة، وكربيعة بن أبية بن خلف على ما سأشرح خبره في ترجمته في القسم الرابع من حرف الراء.
ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الاسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا، وهذا هو الصحيح المعتمد.
والشق الأول لا خلاف في دخوله. وأبدي بعضهم في الشق الثاني احتمالا، وهو مردود لا طبقا أهل الحديث على عد الأشعث بن قيس في الصحابة، وعلى تخريج أحاديثه في الصحاح والمسانيد، وهو ممن ارتد ثم عاد إلى الاسلام في خلافة أبي بكر.
وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين، كالبخاري، وشيخه أحمد ابن حنبل، ومن تبعهما، ووراه ذلك أقوال أخرى شاذة كقول من قال: لا يعد صحابينا ألا من وصف بأحد أوصاف أربعة: من طالت مجالسته، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه، أو استشهد بين يديه، وكذا من اشترط في صحة الصحبة بلوغ الحلم، أو المجالسة ولو قصرت.
وأطلق جماعة أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم [فهو صحابي، وهو محمول على من بلغ سن التمييز، إذ من لم يميز لا تصح نسبة الرؤية إليه، نعم يصدق أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه فيكون صحابيا من هذه الحيثية، ومن حيث الرواية يكون تابعيا، وهل يدخل من رآه ميتا قبل أن يدفن كما وقع ذلك لأبي ذؤيب الهذلي الشاعر؟ إن صح محل نظر. والراجح عدم الدخول. ومما جاء عن الأئمة من الأقوال المجملة في الصفة التي يعرف بها كون الرجل صحابيا وإن لم يرد التنصيص على ذلك - ما أورده ابن أبي شيبة في " مصنفه " من طريق لا بأس به، أنهم كانوا في الفتوح لا يؤمرون إلا الصحابة، وقول ابن عبد البر: لم يبق بمكة، ولا الطائف أحد
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»