سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٨٨
فصيح عند أهل ذلك اللسان. وكان حليما بطئ الغضب، متواضعا، دينا، صالحا، كثير الصدقة، متفقدا للفقراء والطلبة، تفقه أولا لأبي حنيفة، ثم تحول شافعيا بعد علو سنه، وولي تدريس النحو بالنظامية، إلى أن مات، قرأت عليه كثيرا، وهو أول من فتح فمي بالعلم، لان أمي أسلمتني إليه ولي عشر سنين، فكنت أقرأ عليه القرآن والفقه والنحو، وأطالع له ليلا ونهارا، وإذا مشى، كنت آخذا بيده، وكان ثقة نبيلا، أنشدني لنفسه:
أيها المغرور بالدنيا انتبه * إنها حال ستفنى وتحول واجتهد في نيل ملك دائم * أي خير في نعيم سيزول لو عقلنا ما ضحكنا لحظة * غير أنا فقدت منا العقول قال: مولده في جمادي الآخرة سنة أربع وثلاثين (1)، ومات في شعبان (2) سنة اثنتي عشرة وست مئة وكنت بنيسابور.
قلت: فيه نظم المؤيد ابن التكريتي (3): ومن مبلغ عني الوجيه رسالة * وإن كان لا تجدي لديه الرسائل تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل * وذلك لما أعوزتك المآكل وما اخترت رأي الشافعي ديانة * ولكنما تهوى الذي هو حاصل وعما قليل أنت لا شك صائر * إلى مالك فافطن لما أنا قائل!

(1) هذا قول ابن النجار، أما المنذري فقال: مولده بواسط في سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة. وقد سقطت كلمة " ثلاثين " من إرشاد ياقوت ونكت الهميان للصفدي فصار مولده فيهما سنة 502.
(2) في ليلة السادس والعشرين منه، على ما ذكره المنذري.
(3) هذه الأبيات الأربعة مشهورة ذكرتها معظم الكتب التي ترجمت له، وهي تروى باختلاف عما هنا، لكن المعني واحد.
(4) في الأصل: بن سالم، وهو تحريف.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»