الفجر تلا آيات الحرس ويس والواقعة وتبارك، ثم يقرئ ويلقن إلى ارتفاع النهار، ثم يصلي الضحى، فيطيل ويصلي طويلا بين العشائين، ويصلي صلاة التسبيح كل ليلة جمعة، ويصلي يوم الجمعة ركعتين بمئة (قل هو الله أحد)، فقيل كانت نوافله في كل يوم وليلة اثنتين وسبعين ركعة، وله أذكار طويلة، ويقرأ بعد العشاء آيات الحرس، وله أوراد عند النوم واليقظة، وتسابيح، ولا يترك غسل الجمعة، وينسخ " الخرقي " من حفظه، وله معرفة بالفقه والعربية والفرائض. وكان قاضيا لحوائج الناس، ومن سافر من الجماعة يتفقد أهاليهم، وكان الناس يأتونه في القضايا فيصلح بينهم، وكان ذا هيبة ووقع في النفوس.
قال الشيخ الموفق: ربانا أخي، وعلمنا، وحرص علينا، كان للجماعة كالوالد يحرص عليهم ويقوم بمصالحهم، وهو الذي هاجر بنا، وهو سفرنا إلى بغداد، وهو الذي كان يقوم في بناء الدير، وحين رجعنا زوجنا وبنى لنا دورا خارج الدير، وكان قلما يتخلف عن غزاة.
قال الشيخ الضياء: لما جرى على الحافظ عبد الغني محنته (1) جاء أبا عمر الخبر، فخر مغشيا عليه، فلم يفق إلا بعد ساعة، وكان كثيرا ما يتصدق ببعض ثيابه، وتكون جبته في الشتاء بلا قميص، وربما تصدق بسراويله، وكانت عمامته قطعة بطانة، فإذا احتاج أحد إلى خرقة، قطع له منها، يلبس الخشن، وينام على الحصير، وربما تصدق بالشئ وأهله محتاجون إليه، وكان ثوبه إلى نصف ساقه، وكمه إلى رسغه، سمعت أمي تقول: مكثنا زمانا لا يأكل أهل الدير إلا من بيت أخي أبي عمر، وكان يقول: إذا لم