سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٦٥
وبويع بولاية العهد، وخطب له وهو مراهق، واستمر ذلك سنين، ثم خلعه أبوه، وولي عليا أخاه العهد، فدام ذلك حتى مات علي سنة ثماني عشرة، فاحتاج أبوه أن يعيده إلى العهد، وقام بالامر بعد الناصر، ولم يطول، وقرئ عليه في " مسند أحمد " بإجازته من والده.
قال ابن النجار: أخبرنا أبو صالح الجيلي، أخبرنا الظاهر بقراءتي، أخبرنا أبي كتابة، عن عبد المغيث بن زهير، أخبرنا ابن الحصين - فذكر حديثا.
قال ابن الأثير (1): ولي فأظهر العدل والاحسان، وأعاد سنة العمرين، فإنه لو قيل: ما ولي بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقا، فإنه أعاد من الأموال والاملاك المغصوبة شيئا كثيرا، وأطلق المكوس في البلاد جميعها، وأمر بإعادة الخراج القديم في جميع العراق، وبإسقاط ما جدده أبوه وكان لا يحصى (2)، فمن ذلك بعقوبا خراجها القديم عشرة آلاف دينار، فأخذ منها زمن أبيه ثمانون ألف دينار، فردها، وكان سنجة (3) الخزانة نرجح نصف قيراط في المثقال يأخذون بها ويعطون العادة، فأبطله، ووقع:
" ويل للمطففين " (4) وقدم صاحب الديوان من واسط بأكثر من مئة ألف ظلما فردها على أربابها، ونفذ إلى الحاكم عشرة آلاف دينار ليوفيها عن المحبوسين، وكان يقول: أنا قد فتحت الدكان بعد العصر (5) فذروني أفعل الخير، فكم بقيت أعيش. وقد أنفق وتصدق في ليلة النحر مئة ألف دينار،

(1) الكامل: 12 / 188.
(2) كان ابن الأثير - رحمه الله - سئ الظن بالخليفة الناصر لدين الله.
(3) السنجة أو الصنجة: عيار السكة.
(4) المطففين / 1.
(5) أي أنه ولي الخلافة على كبر السن.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»