سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٣٧
الاسماع مثله، فإن الإسكندر ما ملك الدنيا بهذه السرعة، بل في نحو عشر سنين ولم يقتل أحدا.
وقال (1): وخيلهم لا تعرف الشعير، إنما تحفر بحوافرها وتأكل عروق النبات وهم يسجدون للشمس، ولا يحرمون شيئا، ويأكلون الحيوانات وبني آدم (2)، ولا يعرفون زواجا. وهم صنف من الترك مساكنهم جبال طمغاج. وبعث خوارزم شاه جواسيس فأتوه فأخبروه أن التتر يفوقون الاحصاء، وأنهم أصبر شئ على القتال، لا يعرفون هزيمة، فندم خوارزم شاه على قتل تجارهم، وتقسم فكره، ثم عمل معهم مصافا ما سمع بمثله، دام ثلاثا، وقتل من الفريقين خلائق لا يحصون، حتى لقتل من المسلمين عشرون ألفا، وقد ذكرنا هذه الواقعة، وأنها ما حضرها جنكزخان، وتحاجز الجمعان، ومر خوارزم شاه فترك ببخارى عشرين ألف فارس، وبسمرقند خمسين ألفا، وقال: احفظوا البلاد حتى أجمع الجيوش وأعود، فعسكر على بلخ، فلما أحاطت التتار ببخارى خرج عسكرها في الليل على حمية وتركوها، فخرج إلى القان بدر الدين ابن قاضي خان يطلب الأمان فأعطاهم ودخلوها في رابع ذي الحجة سنة عشرة وست مئة، ولم يتعرضوا أولا إلى غير الحواصل السلطانية، وطلبوا منهم العون على حرب من بقلعتها فطموا خندقها بالتراب والاخشاب حتى بالربعات، وأخذت بالسيف، وصدق أهلها اللقاء حتى أبيدوا، ثم غدر جنكزخان بالناس وهلكوا وتمزقوا، وسبوا الذرية، وبقيت بخارى كأمس الذاهب. ثم أحاطوا بسمرقند في أول سنة 617 فقيل: برز من أهلها نحو سبعين ألفا، فقاتلوا، فانهزم لهم التتر، ثم

(1) الكامل: 12 / 360 فما بعدها باختصار.
(2) لم يقل ابن الأثير انهم يأكلون بني آدم!
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»