ولما تغلبت الروم على المرية سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة، خرج إلى مرسية، ثم سكن جزيرة شقر (1)، فولي القضاء والخطابة بها.
وكان في خلقه ضيق، وكان من فرسان الحديث بالأندلس، بارعا في لغته، لم يكن أحد يجاريه في معرفة الرجال، وله خطب حسان، وتصانيف (2)، وسعة علم كثير جدا.
توفي في صفر سنة أربع وثمانين وخمس مئة.
قال أبو جعفر بن الزبير: هو أعلم أهل طبقته بصناعة الحديث، وأبرعهم في ذلك، مع مشاركته في علوم، وكان من العلماء العاملين، أمعن الناس في الاخذ عنه.
وقال أبو عبد الله بن عياد (3): كان عالما بالقرآن، إماما في علم الحديث، واقفا على رجاله، لم يكن بالأندلس من يجاريه \ فيه، أقر له بذلك أهل عصره، مع تقدمه في اللغة والأدب، واستقلاله بغير ذلك من جميع الفنون. قال: وكان له حظ من البلاغة والبيان، صارما في أحكامه، جزلا في أموره، تصدر للاقراء والتسميع والعربية، وكانت الرحلة إليه في زمانه، وطال عمره، وله كتاب (المغازي) في خمس مجلدات، حمله عنه الناس.