سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٥١٢
ثلاث وأربع مئة. وجعل بين المماليك الحجرية (1)، فقهرهم واستطال، فضربه واليهم، ثم لزم الخدمة، وتودد إلى الامراء، فارتضاه الحاكم، وأعجب به، فأمره، وبعثه إلى دمشق سنة ست، فتلقاه تزبر، فتأدب وترجل لمولاه، ثم أعيد إلى مصر، وجرد إلى الريف، ثم بعث واليا على بعلبك، وحسنت سيرته، ثم نقل إلى قيسارية، واتفق قتل متولي حلب فاتك، قتله غلامه، ثم ولي فلسطين، فخافه ملك العرب حسان بن مفرج الطائي، وقلق، وجرت لأمير الجيوش هذا وقائع، ودوخ العرب، فخبث حسان، وكاتب فيه وزير مصر الحسن بن صالح، فأمسكه بحيلة دبرت له سنة سبع عشرة وأربع مئة، فشفع فيه سعيد السعداء، فأطلق له، ثم ترقى، وكثرت غلمانه وأمواله.
وأما الشام، فعاثت العرب فيها، وأفسدت، ووزر نجيب الدولة الجرجرائي، فقدم نوشتكين على العساكر سبعة آلاف، فقصد حسان وصالح بن مرداس، فكانت المصاف على الأقحوانة، فهزم العرب، وقتل صالح (2)، فبعثت الخلع إلى نوشتكين، ثم نازل حلب، ثم عاد إلى دمشق، ونزل بالقصر، ثم رد إلى حلب ودخلها، فأحسن إلى الرعية، وعدل، ثم تغير، وشرب الخمر، فجاء كتاب بذمه وتهديده، فقلق وتنصل، وكتب: من عبد الدولة العلوية، والامامية الفاطمية متبرئا من ذنوبه

(1) المماليك الحجرية، ويقال لهم أيضا صبيان الحجر (جمع حجرة) قال ابن خلكان: ومعناه عندهم، أن يكون لكل واحد منهم فرس وسلاح، فإذا قيل له عن شغل، ما يحتاج أن يتوقف فيه، وذلك على مثال الداوية والإسبتار (منظمتان للصليبيين). فإذا تميز صبي من هؤلاء بعقل وشجاعة، قدم للامرة. انظر " وفيات الأعيان " 3 / 418، و " تكملة المعاجم العربية " لدوزي، الجزء الثالث (النسخة العربية).
(2) انظر وفيات الأعيان 2 / 487، و " الكامل " 5 / 369، و " النجوم الزاهرة " 4 / 252، 253.
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»