حذق في صنعة الاقفال حتى عمل قفلا بآلاته ومفتاحه، زنة أربع حبات، فلما صار ابن ثلاثين سنة، آنس من نفسه ذكاء مفرطا، وأحب الفقه، فأقبل على قراءته حتى برع فيه، وصار يضرب به المثل، وهو صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه (1).
تفقه بأبي زيد الفاشاني (2)، وسمع منه، ومن الخليل بن أحمد السجزي، وسمع ببخارى وهراة.
تفقه عليه أبو عبد الله محمد بن عبد الملك المسعودي، وأبو علي الحسين بن شعيب السنجي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المراوزة.
قال الفقيه ناصر العمري: لم يكن في زمان أبي بكر القفال أفقه منه، ولا يكون بعده مثله، وكنا نقول: إنه ملك في صورة الانسان. حدث، وأملى، وكان رأسا في الفقه، قدوة في الزهد (3).
وقال أبو بكر السمعاني في " أماليه ": كان وحيد زمانه فقها وحفظا وورعا وزهدا، وله في المذهب من الآثار ما ليس لغيره من أهل عصره، وطريقته المهذبة (4) في مذهب الشافعي التي حملها عنه أصحابه أمتن طريقة، وأكثرها تحقيقا، رحل إليه الفقهاء من البلاد، وتخرج به أئمة.