الرواية، البعيد الأثر، الطويل الهجرة في طلب العلم، الناسك المتقشف أبو عبد الله بن الفخار بمدينة بلنسية في عاشر ربيع الأول سنة تسع عشرة وأربع مئة. فكان الحفل في جنازته عظيما. وعاين الناس فيها آية من طيور شبه الخطاف (1) - وما هي بها - تخللت الجمع رأفة فوق النعش، جانحة إليه، مشفة إليه، لم تفارق نعشه إلى أن ووري، فتفرقت، وتحدث الناس بذلك وقتا. مكث مدة ببلنسية مطاعا، عظيم القدر عند السلطان والعامة، وكان ذا منزلة عظيمة في الفقه والنسك، صاحب أنباء بديعة (2).
قال جماهر بن عبد الرحمن: صلى على ابن الفخار الشيخ خليل التاجر، ورفرفت عليه الطير إلى أن تمت مواراته (3).
وكذا ذكر الحسن بن محمد القبشي من خبر الطيور، وزاد: كان عمره نحو الثمانين، وكان يقال: إنه مجاب الدعوة. واختبرت دعوته في أشياء (4).
وقال أبو عمرو الداني: مات في سابع ربيع الأول سنة 419 عن ست وسبعين سنة، وهو آخر الفقهاء الحفاظ، الراسخين العالمين بالكتاب والسنة بالأندلس. رحمه الله (5).