سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٦ - الصفحة ٣٣
بغداد، ولا ببغداد مثل محلة القطيعة، ولا في القطيعة مثل درب أبي خلف، وليس في الدرب مثل داري (1).
ونقل أبو بكر الخطيب حكاية مقتضاها أن رجلا صلى الجمعة، فرأى رجلا متنسكا لم يصل، فكلمه، فقال: استر علي، لدعلج علي خمسة آلاف، فلما رأيته أحدثت. فبلغ ذلك دعلجا، فطلبه إلى منزله، وحلله من المال، ووصله بمثلها لكونه روعه (2).
قال الخطيب: حدثنا أبو منصور محمد بن بن محمد العكبري، حدثني أحمد بن الحسين الواعظ، قال: أودع أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم، فضاقت يده، فأنفقها، وكبر الصبي، وأذن له في قبض ماله. قال ابن أبي موسى: فضاقت علي الأرض، وتحيرت، فبكرت على بغلتي، وقصدت الكرخ، فانتهت بي [البغلة إلى درب السلولي] ووقفت بي على باب مسجد دعلج، فدخلت فصليت خلفه الفجر، فلما انفتل رحب بي، وقمنا فدخلنا داره، فقدمت لنا هريسة، فأكلت وقصرت، فقال: أراك منقبضا، فأخبرته، فقال: كل [فإن] حاجتك تقضى، فلما فرغنا، استدعى بالذهب والميزان، فوزن لي عشرة آلاف دينار. وقمت أطير فرحا، فوضعت المال على القربوس (3)، وغطيته بطيلساني، ثم سلمت المال إلى الصبي بحضرة قاضي القضاة، وعظم الثناء علي، فلما عدت إلى منزلي استدعاني أمير من أولاد الخليفة، فقال: قد رغبت في معاملتك

(1) " تاريخ بغداد " 8 / 389.
(2) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 8 / 389 - 390.
(3) القربوس: حنو السرج. قال الأزهري: وللسرج قربوسان، فأما القربوس المقدم ففيه العضدان، وهما رجلا السرج. ويقال لهما: حنواه، " اللسان ".
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»