سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٥٦٣
وكان لا يمل من الغزو، فيه سؤدد وحزم وإقدام، وسجايا حميدة، أصابهم قحط، فجاء رسول قاضيه منذر البلوطي (1) يحركه للخروج، فلبس ثوبا خشنا، وبكى واستغفر، وتذلل لربه، وقال: ناصيتي بيدك، لا تعذب الرعية بي، لن يفوتك مني شئ. فبلغ القاضي، فتهلل وجهه، وقال: إذا خشع جبار الأرض، يرحم جبار السماء، فاستسقوا ورحموا.
وكان - رحمه الله - ينطوي على دين، وحسن خلق ومزاح. وكان دسته في وقته فوق دست ملوك الاسلام. ووزر له أبو مروان بن شهيد، (2) وغيره.
ونقل بعضهم أن وزيرا له قدم له هدية سنية منها: خمس مئة ألف دينار، وأربع مئة رطل تبرا (3)، وألفا ألف درهم، ومئة وثمانون رطلا من العود، ومئة أوقية من المسك، وخمس مئة أوقية عنبر، وثلاث مئة أوقية كافور، وثلاثون ثوبا خاما، وست سرادقات (4)، وعشرة قناطير سمور (5)، وأربعة آلاف رطل حرير، وألف ترس، وثمان مئة تجفاف (6)، وخمسة عشر حصانا، وعشرون بغلا، وأربعون مملوكا، ومئة فرس، وعشرون

(١) هو منذر بن سعيد بن عبد الله، البلوطي، كان قاضيا، بصيرا بالجدل، منحرفا إلى مذهب أهل الكلام، توفي سنة / ٣٥٥ / ه‍ انظر " تاريخ علماء الأندلس ": ٢ / ١٤٤ - ١٤٥.
(٢) انظر ترجمته في " الوافي بالوفيات ": 7 / 144 - 148، وفي هامشه مصادر ترجمته.
(3) التبر: ما كان من الذهب غير مضروب، فإذا ضرب دنانير فهو عين، ولا يقال تبر إلا للذهب.. وبعضهم يقوله للفضة أيضا.
(4) واحدها: سرادق، وهي تمد فوق صحن الدار.
(5) السمور: حيوان بري يشبه السنور يتخذ من جلده الفراء للينه وخضته ودفئه وحسنه " حياة الحيوان " 1 / 574.
(6) آلة للحرب، يلبسه الفرس والانسان ليقيه في الحرب.
(٥٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 ... » »»