سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٣٤٤
على عدم غلوه في تشيعه، ومن بلغ في الحفظ والآثار مبلغ ابن عقدة، ثم يكون في قلبه غل للسابقين الأولين، فهو معاند أو زنديق. والله أعلم.
وبه إلى الحافظ أبي بكر، قال: وانما لقب والد أبي العباس بعقدة لعلمه بالتصريف والنحو. وكان يورق بالكوفة، ويعلم القرآن والأدب (1)، فأخبرني القاضي أبو العلاء، أخبرنا محمد بن جعفر بن النجار، قال: حكى لنا أبو علي النقار، قال: سقطت من عقدة دنانير، فجاء بنخال ليطلبها، قال عقدة: فوجدتها ثم فكرت فقلت: ليس في الدنيا غير دنانيرك؟ فقلت للنخال: هي في ذمتك، وذهبت وتركته (2).
قال: وكان يؤدب ابن هشام الخزاز، فلما حذق الصبي وتعلم، وجه إليه أبوه بدنانير صالحة، فردها فظن ابن هشام أنها استقلت، فاضعفها له، فقال: ما رددتها استقلالا، ولكن سألني الصبي أن أعلمه القرآن، فاختلط تعليم النحو بتعليم القرآن، ولا أستحل أن آخذ منه شيئا، ولو دفع إلي الدنيا (3).
ثم قال ابن النجار: وكان عقدة زيديا، وكان ورعا ناسكا، سمي عقدة لأجل تعقيده في التصريف، وكان وراقا جيد الخط، وكان ابنه أحفظ من كان في عصرنا للحديث (4).
قال أبو أحمد الحاكم: قال لي ابن عقدة: دخل البرديجي (5) الكوفة،

(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 15.
(4) المصدر السابق.
(5) هو أبو بكر، أحمد بن هارون. كان ثقة حافظا توفي سنة / 301 / ه‍. ونسبته إلى " برديج " وهي بليدة بأقصى أذربيجان. أنظر " الأنساب ": 2 / 139 - 140.
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»