سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٣٢٤
شرع لهم اللواط، ووطئ الأخت، وأمر بقتل من امتنع. فأدخلت عليه وبين يديه عدة رؤوس، فسجدت له، وأبو طاهر والكبراء حوله قيام. فقال لأبي طاهر: الملوك لم تزل تعد الرؤوس في خزائنها. فسلوه كيف بقاؤها؟
فسئلت، فقلت: إلهنا أعلم، ولكني أقول: فجملة الانسان إذا مات يحتاج كذا وكذا صبرا وكافورا. والرأس جزء فيعطى بحسابه. فقال: ما أحسن ما قال. ثم قال الطبيب: ما زلت أسمعهم تلك الأيام يلعنون إبراهيم وموسى ومحمدا وعليا. ورأيت مصحفا مسح بغائط.
وقال أبو الفضل يوما لكاتبه: اكتب إلى الخليفة، فصل لهم على محمد، وكل من جراب النورة (1)، قال: والله ما تنبسط يدي لذلك، فافتض أبو الفضل أختا لأبي طاهر الجنابي، وذبح ولدها في حجرها، ثم قتل زوجها، وهم بقتل أبي طاهر، فاتفق أبو طاهر مع كاتبه ابن سنبر، وآخر عليه فقالا: يا إلهنا، إن والدة أبي طاهر قد ماتت فاحضر لتحشو جوفها نارا، قال: وكان سنه له، فأتى، فقال: ألا تجيبها؟ قال: لا. فإنها ماتت كافرة، فعاوده، فارتاب، وقال: لا تعجلا علي، دعاني أخدم دوابكما إلى أن يأتي أبي، قال ابن سنبر: ويلك هتكتنا، ونحن نرتب هذه الدعوة من ستين سنة. فلو رآك أبوك لقتلك اقتله يا أبا طاهر، قال: أخاف أن يمسخني، فضرب أخو أبي طاهر عنقه، ثم جمع ابن سنبر الناس، وقال:
إن هذا الغلام ورد بكذب سرقة من معدن حق، وإنا وجدنا فوقه من ينكحه، وقد كنا نسمع أنه لابد للمؤمنين من فتنة يظهر بعدها حق، فأطفئوا بيوت النيران، وارجعوا عن نكاح الام، ودعوا اللواط، وعظموا الأنبياء، فضجوا، وقالوا: كل وقت تقولون لنا قولا. فأنفق أبو طاهر الذهب حتى سكنوا.

(١) أي أعمل معهم بالتقية انظر ص / 239 / من هذا الجزء.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»