سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٣٠
قلت: من نظر في تواليف هذا الامام علم محله من العلم، وسعة معارفه. وقد كان ناب في القضاء عن أبي عبيد الله محمد بن عبدة (1)، قاضي مصر سنة بضع وسبعين ومئتين. وترقى حاله، فحكى أنه حضر رجل معتبر عند القاضي ابن عبدة فقال: أيش روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أمه، عن أبيه؟ فقلت أنا (2): حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبيدة، عن أمه، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله ليغار للمؤمن فليغر " (3).
وحدثنا به إبراهيم بن أبي داود، حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن سفيان موقوفا، فقال لي الرجل: تدري ما تقول وما تتكلم به؟ قلت: ما الخبر؟ قال: رأيتك العشية مع الفقهاء في ميدانهم، ورأيتك الآن في ميدان أهل الحديث، وقل من يجمع ذلك، فقلت: هذا من فضل الله وإنعامه.

(1) قال شعيب: وهذه الشهادة من مؤرخ الاسلام الذهبي وغيره من الأئمة في حق الامام الطحاوي تدل على أن ما جاء في مقدمة معرفة السنن والآثار لأحمد صقر من نبز وطعن إنما كان بدافع التعصب والحقد والجهل ولا يتسع المجال هنا لا يراد ما قاله في حق هذا الامام وكشف عواره، وبيان وهائه، ودحض مفترياته. وكان يجدر به وهو يحقق كتابا في السنة النبوية أن يأتسي بأئمة الجرح والتعديل في توخيهم الدقة والتمحيص، والصدق والعدل في ما يصدرون من آراء في حق أهل العلم.
(2) أي: الطحاوي.
(3) رجاله ثقات إلا أن أبا أحمد الزبيري - واسمه محمد بن عبد الله بن الزبير - يخطئ في حديث الثوري. وأخرج البخاري 9 / 280 في النكاح: باب الغيرة، ومسلم (276) في التوبة: باب غيرة الله تعالى، والترمذي (3530) وأحمد 1 / 381 و 425 و 436 من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله وسلم " ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش " وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 9 / 281 ومسلم (2761) والترمذي (1168) وعن أسماء عند البخاري 9 / 280، ومسلم (2762) وعن المغيرة بن شعبة عند البخاري 12 / 154، ومسلم (1499).
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»