قلت: من نظر في تواليف هذا الامام علم محله من العلم، وسعة معارفه. وقد كان ناب في القضاء عن أبي عبيد الله محمد بن عبدة (1)، قاضي مصر سنة بضع وسبعين ومئتين. وترقى حاله، فحكى أنه حضر رجل معتبر عند القاضي ابن عبدة فقال: أيش روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أمه، عن أبيه؟ فقلت أنا (2): حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبيدة، عن أمه، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله ليغار للمؤمن فليغر " (3).
وحدثنا به إبراهيم بن أبي داود، حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن سفيان موقوفا، فقال لي الرجل: تدري ما تقول وما تتكلم به؟ قلت: ما الخبر؟ قال: رأيتك العشية مع الفقهاء في ميدانهم، ورأيتك الآن في ميدان أهل الحديث، وقل من يجمع ذلك، فقلت: هذا من فضل الله وإنعامه.