سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٢٩١
أستاذ أبي بكر الدقي (1)، كان من المجتهدين في العبادة.
قال الدقي: ما رأيت من يظهر الغنى مثله، يلبس قميصين أبيضين، ورداء وسراويل ونعلا نظيفا، وعمامة، وفي يده مفتاح. وليس له بيت، بل ينطرح في المساجد، ويطوي الخمس ليالي والست (2).
وقال أحمد بن علي الرستمي: كان الفرغاني نسيج وحده، معه كوز، فيه قميص رقيق، فإذا أتى بلدا لبسه، ومعه مفتاح منقوش يطرحه إذا صلى بين يديه، يوهم أنه تاجر.
عبد الواحد بن بكر: حدثنا الدقي، سمعت الفرغاني، يقول:
دخلت دير طور سيناء، فأتاني مطرانهم بأقوام كأنهم نشروا من القبور.
فقال: هؤلاء يأكل أحدهم في الأسبوع أكلة [يفخرون بذلك]، فقلت:
كم صبر كبيركم هذا؟ قالوا: ثلاثين يوما. فقعدت في وسط الدير أربعين يوما لم آكل ولم أشرب (3). فخرج إلي مطرانهم وقال: يا هذا قم، أفسدت قلوب هؤلاء، فقلت: حتى أتم ستين يوما، فألحوا فخرجت (4).
توفي الفرغاني سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.

(1) هو محمد بن داود، الدقي، من كبار الصوفية، توفي بالشام سنة / 360 / ه‍.
انظر " طبقات الصوفية ": 448 - 450.
(2) " طبقات الأولياء ": 303.
(3) لا يعقل أن يبقى الانسان حيا إذا امتنع أربعين يوما عن الطعام والشراب، وقد شاهدنا في عصرنا غير واحد قد صام أربعين يوما عن الطعام دون الشراب طلبا للاستشفاء، وتحت إشراف الأطباء، وسواء أصحت هذه الحكاية أم لم تصح، فليس هذا مما يحمده الاسلام ويرغب فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ويفطر.
(4) " النجوم الزاهرة ": 3 / 279 - 280، وما بين حاصرتين منه.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»