سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣١٦
وكان ببغداد قوم يسمونه المصطلم، وبالبصرة المحير، ثم كثرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السفرة، فقام وحج ثالثا، وجاور سنتين، ثم رجع وتغير عما كان عليه في الأول، واقتنى العقار ببغداد، وبنى دارا، ودعا الناس إلى معنى لم أقف عليه، إلا على شطر منه، ثم وقع بينه وبين الشبلي وغيره من مشايخ الصوفية، فقيل: هو ساحر. وقيل: هو مجنون. وقيل: هو ذو كرامات، حتى أخذه السلطان. انتهى كلام ولده.
وقال السلمي: إنما قيل له: الحلاج، لأنه دخل واسطا حلاج، وبعثه في شغل، فقال: أنا مشغول بصنعتي. فقال: اذهب أنت حتى أعينك.
فلما رجع وجد كل قطن عنده محلوجا.
قال إبراهيم بن عمر بن حنظلة الواسطي السماك، عن أبيه: قال: دخل الحسين بن منصور واسطا، فاستقبله قطان، فكلفه الحسين إصلاح شغله والرجل يتثاقل فيه، فقال: اذهب فإني أعينك. فذهب، فلما رجع، رأى كل قطن عنده محلوجا مندوفا، وكان أربعة وعشرين ألف رطل.
وقيل: بل لتكلمه على الاسرار.
وقيل: كان أبوه حلاجا.
وقال أبو نصر السراج: صحب الحلاج عمرو بن عثمان، وسرق منه كتبا فيها شئ من علم التصوف، فدعا عليه عمرو: اللهم اقطع يديه ورجليه.
قال ابن الوليد: كان المشايخ يستثقلون كلامه، وينالون منه لأنه كان يأخذ نفسه بأشياء تخالف الشريعة، وطريقة الزهاد، وكان يدعي المحبة لله، ويظهر منه ما يخالف دعواه.
قلت: ولا ريب أن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم علم لمحبة الله لقوله تعالى:
(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) [آل عمران: 31].
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»