سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٠٠
كتاب مسلم إلى حديث محمد بن عباد، عن سفيان: " يسرا ولا تعسرا " (1) لم يجده عند أحد عن ابن عباد، فقيل له: هو عند أبي يعلى الموصلي، عن ابن عباد: فرحل إليه قاصدا من نيسابور لسماع هذا الحديث.
قلت: ورحل لأجل ولديه، قال: وخرج أبي على كبر السن إلى جرجان ليسمع من عمران بن موسى بن مجاشع حديث سويد بن سعيد، عن حفص بن ميسرة [عن موسى بن عقبة]، عن نافع، عن ابن عمر قال:
" بينما الناس في صلاة الصبح إذ أتاهم آت.. " وذكر الحديث (2)، وسمعته مع أبي.
قال الحاكم: سمعت أبا عمرو، سمعت أبي يقول: كل ما قال البخاري: قال لي فلان. فهو مناولة وعرض (3).
وسمعت أبا عمرو يقول: كان أبي يحيي الليل.

(١) أخرجه مسلم (١٧٣٣) في الجهاد: باب في الامر بالتيسير وترك التنفير، من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن، فقال: " يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا ".
(2) أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 195 في القبلة: باب ما جاء في القبلة، والبخاري: 1 / 424 في الصلاة: باب ما جاء في القبلة، و 8 / 131 في التفسير: أبا (وما جعلنا القبلة..) وباب (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب..) وباب (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه..) وباب (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام) وفي خبر الواحد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم (526) في المساجد: باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، وأحمد: 2 / 16 و 26، والترمذي (341) والنسائي:
2 / 61 كلهم من طريق عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.
(3) القراءة على الشيخ تسمى عندهم عرضا. والمناولة: أن يعطي الشيخ للطالب أصل سماعه، أو فرعا مقابلا به ويقول له: هذا سماعي عن فلان فاروه عني، أو أجزت لك روايته عني. ثم يبقيه معه ملكا له، أو يعيره إياه لينسخه، ويقابل به ثم يعيده إلى الشيخ. أو يعطي الطالب للشيخ الكتاب، فينظره الشيخ ويتأمله وهو عارف متيقظ، ويوقن أنه أصل صحيح وأنه من روايته، ثم يعيده الشيخ للطالب ويخبره بأنه من روايته، ويأذن له بأن يرويه عنه. فهذه الصور كلها مناولة مقرونة بالإجازة، وهي أعلى أنواع الإجازة. قال النووي: وهذه المناولة كالسماع في القوة عند الزهري، وبيعة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومجاهد، والشعبي، وعلقمة، وإبراهيم، وأبي العالية، وأبي الزبير، وأبي المتوكل، ومالك، وابن وهب، وابن القاسم، وجماعات آخرين.
وقال الحافظ في " الفتح " 1 / 143: وقد ادعى ابن مندة أن كل ما يقول البخاري فيه:
قال لي، فهو إجازة، وهي دعوى مردودة بدليل أني استقرأت كثيرا من المواضع التي يقول فيها في الجامع: قال لي، فوجدته في غير الجامع يقول فيها: حدثنا. والبخاري لا يستجيز في الإجازة إطلاق التحديث، فدل على أنها عنده من المسموع، لكن سبب استعماله لهذه الصيغة ليفرق بين ما يبلغ شرطه وما لا يبلغ. واله أعلم.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»